أخبارأخبار الإمارات

المتطلبات الجامعية.. محور إعداد الطالب وتزويده بالمعرفة

تحقيق: عبد الرحمن سعيد

ما هي أهمية مواد المتطلبات الجامعية لطلبة برامج البكالوريوس خصوصاً أن أغلبها بعيدة عن التخصص الجامعي وينظر جانب من الطلبة إليها على أنها عبء دراسي في سنة دراسية حاسمة «البكالوريوس»؟.. الموضوع يقلق طلبة الجامعات وذويهم نظراً لزيادة الكلفة الدراسية، حيث إن رسوم المادة الواحدة تصل إلى 5 آلاف درهم في الفصل، إلى جانب أهمية النجاح فيها لاستكمال متطلبات التخرج، وتكمن المشكلة في أن الإرشاد الأكاديمي لا يقدم للطالب المعلومات الكاملة عن المتطلبات الجامعية وأهمتيها، إلى جانب عدم توضيح أسماء ومضمون المواد الدراسية التي سيدرسها الطالب، ولماذا لا تكون المواد العامة اختيارية.

«الخليج» تسلط الضوء في التحقيق التالي على عدد من العوامل والمتطلبات التي قد تؤثر سلباً على طلبة الجامعات من برامج «البكالوريوس»، حيث التقت عدداً من المسؤولين في الجامعات، الذين بدورهم أكدوا على أهمية المتطلبات الجامعية في دورها المحوري الذي يكمن في إعداد الطالب وتزويده بالمعرفة والمهارات المتنوعة في اللغة، والتفكير، والابتكار، وتكنولوجيا المعلومات، الأمر الذي يجعل هذه المتطلبات إلزامية لدى وزارة التربية والتعليم «التعليم العالي»، والعديد من هيئات الاعتماد العالمية التي تشترط طرح الجامعة عدداً معيناً من مساقات التعليم العام التي تضمن تزويد الطالب بمعرفة شاملة ومهمة إلى جانب تخصصه، مشيرين إلى أن التكليفات الخارجة عن تخصصات الطلبة تكون ذات صلة بمضمون التخصص لجهة تنمية المهارات.

في المقابل حدد طلبة جامعيون 5 عوامل ومتطلبات تؤثر عليهم سلباً هي إجراء بحوث في مواد ليس لها علاقة بالتخصص الجامعي الذي يدرسونه، دراسة مواد عامة غير متصلة بالتخصص الجامعي الذي يدرسونه، الكلفة المادية التي تقع على كاهلهم لدراسة المواد العامة حيث تتخطى حاجز ال 4 آلاف درهم لكل مادة، وإهدار الوقت في المحاضرات للمواد غير المتصلة بالتخصص مع الزامية النجاح في المواد العامة.

وتضاربت آراء الطلبة الجامعيين حول أهمية وعدم أهمية المتطلبات الجامعية، التي تفرض عليهم دراسة مواد لا تتعلق بتخصصاتهم، فمنهم من رأى أنها تشكل أهمية كبيرة كونها تساعد في تهيئة الطالب الجامعي في سنته الأولى كمرحلة تأسيسية بما تتضمنه من علوم أساسية وفق مناهج تم طرحها بعناية ضمن استراتيجيات تعليمية وتربوية تتوافق مع احتياجاتهم وتطلعاتهم وتواكب أساليب التعليم الحديثة، ومنهم من رأى أن هناك متطلبات جامعية لن تفيد الطلبة بشيء في تخصصهم على الأقل، ومع ذلك لها الكلفة المادية نفسها وتأخذ وقتاً طويلاً في دراساتها، وتتراوح كلفة مساق المتطلب الجامعي من 4 آلاف إلى 5 آلاف درهم، الأمر الذي يرهق الطالب مادياً ويشتت تفكيره، مطالبين بإعادة النظر في المواد التي لا تشكل فائدة مرجوه للطالب.

المطالبة باختصارها

طالب عدد من طلبة الجامعات ممن التقتهم «الخليج» بتقليل عدد مواد المتطلبات الجامعية إذ إنها تصل في بعض التخصصات الجامعية إلى أكثر من 40% من إجمالي المواد التي تفرض على الطالب، وقال الطالب علي عصام إن هناك عوامل ومتطلبات جامعية تفرض علينا ولا تفيد الطالب بشيء إلا معلومات حياتية يمكن للطالب أن يكتسبها بعد مرحلة الدراسة، حيث إنها خلال فترة الدراسة تؤثر سلباً على الطالب وتهدر وقته.

وعن أبرز تلك العوامل والمتطلبات أوضح أنها تتضمن تكليفهم بإجراء أبحاث في مواد ليس لها علاقة بتخصصاتهم الجامعية، وذلك ضمن تكليفهم بدراسة عدد كبير من المواد العامة التي تعادل عدد المواد التخصصية، مشيراً إلى أنه لا يطالب بإلغائها ولكن بتقليلها بواقع مادة عامة كل فصل دراسي.

وقال الطالب ماجد جمال إن التركيز على المواد التخصصية والتعمق في دراستها يمكن أن يحقق نتائج أفضل بكثير على الصعيد العملي، حيث إن دراسة كم كبير من المواد يشتت الطالب ويهدر وقته، مشيراً إلى أن المواد العامة لها كلفة تعادل تقريباً كلفة المواد التخصصية وتتخطى حاجز ال 4 آلاف درهم في بعض الأحيان.

وأوضح الطالب أحمد السيد أن العوامل التي قد تؤثر عليه سلباً في دراسته هي إهدار الوقت في المحاضرات للمواد غير المتصلة بالتخصص الذي يدرسه، حيث إن تلك المواد لها جدول وبها نسبة حضور تؤثر على درجات الطلاب، وفي حال ترك الحضور والانصراف منها اختياري سيكون له مدلول إيجابي، بالإضافة إلى عدم إدراجها في المعدل النهائي.

وذكر أنه درس نحو 24 مادة طوال فترة دراسته في الجامعة، منها حوالي 10 مواد عامة أهدرت الوقت دون جدوى، ونتج عنها عدم حصوله على معلومات كافية من المواد التخصصية الأصلية التي ستؤهله للالتحاق بسوق العمل، حيث درس معلومات بسيطة غير كافية لتأهيله للمرحلة المقبلة.

فرص التدريب

وقال البروفيسور منتصر قسايمة، أستاذ الهندسة الكهربائية في جامعة أبوظبي، تعمل جامعة أبوظبي على صقل مهارات الطلاب في مختلف التخصصات من خلال مجموعة من الجهود التي تشمل التدريب العملي والنظري، وتسعى جاهدة لمساعدة الطلاب في التعمق في دراسة تخصصاتهم والاطلاع على كافة تفاصيلها، عبر المستشارين الأكاديميين الذين يقدمون إرشادات واستشارات للطلاب في ما يتعلق بتخصصاتهم وخطط الدراسة، ويساعدون الطلاب على تحديد المقررات المناسبة وتطوير خطة دراسية تناسب أهدافهم الأكاديمية ومصالحهم المهنية، فضلاً عن أن الجامعة تقدم برامج إعلامية تهدف إلى تعريف الطلاب بتفاصيل تخصصاتهم وفرص العمل المتاحة في تلك التخصصات، ويساعد في ذلك مواد المتطلبات الجامعية التي تراعي ذلك.

وأكد أن هناك العديد من البرامج والدورات العملية التي تقدم للطلاب لمساعدتهم على صقل مهاراتهم خلال فترة دراستهم، تهدف هذه البرامج والدورات إلى تطوير مجموعة متنوعة من المهارات التي يمكن أن تكون مفيدة في مجالات العمل المختلفة، ومنها دورات التطوير الشخصي التي تتضمن هذه الدورات تعلم مهارات الاتصال الفعالة، وإدارة الوقت، والقيادة، والعمل الجماعي، وحل المشكلات، ودورات التدريب العملي لتمكين الطلاب من اكتساب خبرة عملية في مجالات تخصصهم، وبرامج التجارب العملية، وبرامج التدريب على المهارات الفنية التي تكسب الطلاب مهارات تقنية وفنية تتعلق بتخصصاتهم، مثل تصميم الجرافيك، وتطوير البرمجيات، وتحليل البيانات.

مواكبة السوق

وقالت الأستاذ الدكتورة ابتهال أبو رزق، نائب رئيس شؤون التطوير والمتابعة، وعميد شؤون طلبة جامعة العين تهتم جامعة العين بصقل مهارات الطلبة وتعزيز معارفهم لتخريج جيل قادر على مواكبة سوق العمل ومواجهة التحديات، حيث تسعى إلى توسيع آفاق المعارف والمهارات لدى الطلبة في مختلف المجالات فلا تكتفي بالمعرفة النظرية بل تمتد إلى النواحي التطبيقية والعملية سواء من خلال طرح المساقات العملية ضمن الخطة الدراسية، وتطبيق الدراسة النظرية على شكل تجارب أو عمل ميداني من خلال المختبرات والمرافق المجهزة بأحدث التقنيات لتتيح للطلبة إمكانية تطبيق ما يتعلمونه نظرياً بشكل عملي محترف.

وأضافت ابتهال أبورزق: تقدم جامعة العين مجموعة متنوعة من البرامج التدريبية والأنشطة المنهجية واللامنهجية وتنظيم الزيارات الخارجية لمختلف المؤسسات وتوطيد العلاقات مع المجتمع الخارجي وذلك لاكتساب المعارف والمهارات الجديدة وتكوين الخبرات وبالتالي تعزيز المعارف والمهارات المتعلقة بتخصصاتهم، وهنا تأتي أهمية مواد المتطلبات الجامعية.

وبينت أن جامعة العين تساعد الطلبة على استكشاف مهاراتهم التي من شأنها أن تساعدهم في دراستهم، حيث لا بد أن يدرك الطلبة المهارات التي يمتلكونها ليعملوا على تطويرها وصقلها وتنميتها، ولهذا تسعى الجامعة من خلال الكليات وعمادة شؤون الطلبة ومركز التعليم المستمر في الجامعة إلى تنظيم دورات تدريبية باستمرار في مختلف التخصصات الأكاديمية والمواضيع المجتمعية.

تحسين المهارات

قالت سيلفي فوس، مديرة قسم التوجيه الوظيفي في جامعة السوربون أبوظبي: «يركز قسم التوجيه الوظيفي على مساعدة الطلبة في اكتساب وتحسين المهارات التي تؤهلهم للاندماج في سوق العمل، ويعمل فريق الدعم والإرشاد الوظيفي على تقديم المشورة وتوفير برامج ودورات عملية للطلاب بهدف استكشاف اهتماماتهم ومهاراتهم وسمات شخصيتهم، وينظم القسم حلقات عمل وبرامج تدريبية تعاونية، بالإضافة إلى زيارات وجولات في مواقع العمل، بهدف مساعدة الطلاب في تحديد كيفية ربط اهتماماتهم وقيمهم ومهاراتهم بالوظائف المتاحة ووصف المهارات والأنشطة المرتبطة بهذه المهن، كما أن متطلبات الجامعة تصب في هذا الاتجاه».

وأضافت: «تحرص الجامعة أيضًا على تنظيم مقابلات مع أرباب العمل سنويًا في منتدى التوظيف السنوي (أسطُرلاب) في نوفمبر لاستكشاف فرص العمل والتدريب المختلفة».

تكليفات ذات صلة

أكدت جامعة زايد أنها لا تفرض على طلابها أي تكليفات خارجة عما يفترضه الدرس الأكاديمي من واجبات وتكليفات ذات صلة بالمضمون العلمي، لكنها تشجع من خلال كثير من مبادراتها وإداراتها عملية التطوع وخدمة المجتمع، ولأجل هذا فقد استحدثت نظام الحوافز والجوائز والمكافآت لكل من يحقق إنجازات في هذا الجانب، علاوة على الرحلات والمشاركات والشراكات مع مؤسسات المجتمع المحلي لدفع عجلة التطوع والأنشطة اللاصفية التي تنمي روح العمل الجماعي والمسؤولية المجتمعية.

وأوضحت أنه بناء على هذا الأمر فإن الأستاذ أو المدرس لا يكلف الطلبة بأي مشاريع بحثية متنوعة إلا الذي له علاقة بمضمون المساق ومحتواه ليضمن تحقيق المخرجات التعليمية التي بني عليها منذ البداية. وفي ما يتعلق بتكليف الطلاب بعدد ساعات معين من العمل التطوعي أو الأنشطة اللاصفية، أكدت الجامعة حرصها على البناء المعرفي المتكامل في الشخصية العلمية لكل طلابها، ولذلك فهي تعمل ضمن فرق عملها وإداراتها وكوادرها المؤهلين في ثلاثية متوازية غنية وفريدة: التخصص الدقيق، الثقافة العامة، المسؤولية المجتمعية.

المصدر: صحيفة الخليج

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى