جولة حول «الكنية» في التراث العربي
أبوظبي: «الخليج»
نظمت «أناسي» للإعلام حلقة نقاشية ضمن برنامج «موعد نقاش» بعنوان «الكنية في التراث العربي- أصلها وقضاياها» في منارة السعديات بأبوظبي، قدمها الدكتور أحمد عطية كبير الباحثين في التراث العربي في مكتبة الإسكندرية، وتحت عنوان «نافذة على الداخل» قدمت الدكتورة آيات مكي خبيرة في التشافي، مدربة معتمدة في البرمجة اللغوية العصبية فقرة إرشادية عن أهمية الاتزان العاطفي، وذلك بحضور الشيخة اليازية بنت نهيان آل نهيان السفيرة السابقة للثقافة العربية لدى المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (ALECSO)، وعضوات «موعد نقاش»، وعدد من الشخصيات الثقافية والإعلامية.
تناولت الحلقة النقاشية التي أدارتها الإعلامية فاطمة النزوري عدة محاور: المقصود بالكنية في التراث العربي، والأهداف التي يحققها استعمال الكنية، موقع الكنية من الكلام عند العرب، والمقصودُ بالكُنى الغالبة وأهميتها في تحديد الاسم في التراث العربي، والأقسام المختلفة للكُنية.
استهل الدكتور أحمد حديثه بالتعريف بالكنية في التراث العربي فقال: «الكُنيَةُ هي كل ما صُدِّرَ بأبٍ أو أمٍ أو ابنٍ أو ابنةٍ، والكُنْية أصلها من الكنايَةِ، وهو أن تتكلم بالشَّيءِ وتريد به غيرَه، تقول: كَنَيتُ وكَنَّوتُ بكذا وعن كذَا كُنْيَةً وكِنيَةً والجمعُ الكُنى. والأصل فيها أن تكون بالأولادِ، فمن لم يكن له ولدٌ وله بنت كنَّوه بها، ومن لم يكن له ابنٌ أو بنتٌ كنّوه بأقربِ الناسِ إليه، كما كنَّى النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله بن الزبير وهو صبي بأبي بكر، وهو جده لأمه أسماء. ثمَّ لـمَّا ولِدَ له ولدًا سمَّاه خُبيبًا وتَكنَّى به، فصار له كُنيتان».
وأضاف: «هناك مصادر مختلفة تناولت مسألة الكنية في التراث العربي مثل: كتاب «التعريفات» للجرجاني، وكتاب «المرصَّع» لابن الأثير، و«الكليات» لأبي البقاء الحنفي، و«تلخيص الكُنى» لعبد الغني المقدسي، و«كُنى الشعراء» لابن حبيب، و«فتح الباب في الكنى والألقاب» لابن منده».
وتطرق إلى أهداف استعمال الكنية قائلاً: «هناك أهداف مهمة ومختلفة يحققها استعمال الكنية في التراث العربي مثل التعظيم والتكريم للمُنادَى، ومثل التفاؤل والرجاء، والتمييز بين الأشخاص الذين يتشابهون في الاسم وغير ذلك».
وأضاف: «للكنية مكانة كبرى في حياة العرب قديمًا، فقد بلغ من منزلتها أنَّ النبي كنَّى الإمام علي بأبي تراب، وكانت هذه الكنية من أحب الأسماء إلى الإمام علي، وفي الحديث النبوي:«تسمُّوا باسمي ولا تَكَنُّوا بكنيتي»، وكانت كنية النبي أبا القاسم. وروي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال:«أشيعوا الكُنى فإنها سُنَّةٌ».
وتحدث الدكتور أحمد عطية في إطار حديثه عن الكنية، وعن موقعها من الكلام عند العرب، هل تقع بعد الاسم واللقب، أم قبل اللقب وبعد الاسم؟، وهل موقع الكنية مُلزِم أم المتحدث بالخيار في نقل موقعها بين مكونات الاسم المختلفة. حيثُ بيَّنَ أنَّ المصطلح عليه في المكاتبات هو تقديم الاسم على الكنية، وتقديم الكنية على اللقب، وهو ما ذكره القلقشندي في«صبح الأعشى» نقلًا عن«صناعة الكتَّاب» لأبي جعفر النحاس.
وأوضح أن المقصودُ بالكُنى الغالبة أي الكُنى التي يغلب وضعها مع بعض الألفاظِ، مثل تكنية الاسم، فاسم محمد غالبًا يُكَنَّى بأبي جعفر، وعلي بأبي الحسن، والحسين بأبي عبد الله…إلى غير ذلك من الأسماء، وتفيد هذه الكنى الغالبة في تحديد الأسماء المشتبه فيها.
وعن الأقسام المختلفة للكنية قال الدكتور أحمد: «نرصد منها على سبيل المثال: الكُنى المفردة، والكنى النادرة، وكذلك تقسيم ابن الأثير لها: الكنية المعتادة وغير المعتادة».
وعن امتداد استعمال الكنية إلى الحيوان والجماد تابع: «لقد ورد في كتاب«حياة الحيوان الكبرى» للدميري، بعض الكُنى الخاصة بالحيوان والنبات، وقال ابن الأثير في كتابه«المرصَّع»: وأجروا غير الأناسي مجراهم في ذلك لمَّا شارك الناس في الولادة باقي الحيوانات، كنُّوا ما كنُّوا منها بالآباء والأمهات؛ كأبي الحارث للأسدِ، وأم عامر للضبع، وأجروها في ذلك مجرى الأناسي».
وقدمت الدكتورة آيات مكي فقرة إرشادية تحدثت فيها عن أهمية الاتزان العاطفي، وتناولت خلالها عدد من المحاور: فهم العواطف وأهميتها، وتطوير الوعي الذاتي وتقنيات إدارة العواطف، وتعزيز نمط حياة يدعم التوان العاطفي.