محطات

حقول أبو دنقاش.. أرض العطور والدواء في مصر

القاهرة: «الخليج»

تعطر روائح الشيح والشمر والكراوية، أجواء قرية أبو دنقاش التابعة لمحافظة الفيوم، في تلك الفترة من كل عام، إيذاناً ببدء موسم الحصاد السنوي، بعدما تخصصت تلك القرية في زراعة النباتات العطرية منذ عقود بعيدة، حتى تحولت إلى واحدة من أكبر مراكز إنتاجها في مصر.

يعمل المئات من مزارعي القرية في تلك الزراعات التي توارثوها من الأجداد، والتي تدخل في العديد من الصناعات، مثل صناعة الأدوية ومختلف الزيوت العطرية، ويعتمدون عليها بشكل أساسي لكسب قوتهم، حيث تبلغ مساحة الأراضي المزروعة بتل المحاصيل ما يزيد على 600 فدان، تبدأ زراعتها مع منتصف شهر أكتوبر من كل عام، وتنتهي بحلول شهر إبريل.

يبدأ مزارعو القرية في موسم الحصاد مع نهاية ديسمبر من كل عام، ويستمر حتى بدايات فبراير، وقد يمتد حسب حالة الطقس إلى بدايات إبريل، حيث تساعد أجواء الشتاء الباردة، على استمرار المزروعات التي تعتمد على الأجواء الباردة والمعتدلة، داخل الأرض لفترة أطول، وطوال تلك الفترة تتحول القرية إلى ما يشبه خلية النحل، من أجل جني المحصول، قبل أن ينتهي به المطاف إلى مراكز تجميع ينتقل بعدها إلى المصانع المختلفة.

وتعد زراعة نبات الشيح، واحدة من أكثر الزراعات انتشاراً في القرية، إذ تعد غير مكلفة نسبياً، مقارنة بغيره من النباتات العطرية الأخرى، سواء منذ بداية تجهيز الأرض، وحتى بداية الحصاد، لكنه مع ذلك يحتاج إلى أيدٍ عاملة كثيرة، وهو الأمر الذي يمثل فرصة ذهبية للعديد من نساء القرية، اللاتي يقبلن على العمل في مزارعه الممتدة بطول القرية، بمشاركة عشرات من الأطفال الصغار، مقابل يوميات لا تتجاوز ثلاثين جنيهاً للفرد.

ويقول محمد حسب الله، أحد مزارعي الشيح في أبو دنقاش: «يحتاج الفدان الواحد لعمالة تصل إلى نحو ستين عاملاً، يتم تقسيمهم على مناوبات طوال أيام الأسبوع، للاعتناء بالمحصول، ومقاومة الآفات التي قد تضر به، خصوصاً في الأيام الباردة، وقد يتضاعف العدد عند موسم الحصاد».

يتلقف عشرات من السماسرة إنتاج القرية، إذ يعملون كحلقة وسيطة بين المزارعين وكبار التجار الذين يقومون بتجفيفه، قبل تعبئته وإرساله إلى العديد من المصانع التي تعمل في مجال الزيوت العطرية، أو صناعة الأدوية.

ويقول سلامة الشيخ، أحد الموردين لمصانع الأدوية: «يتميز محصول الشيح العطري بالعديد من الفوائد، ويدخل في صناعة العديد من الأدوية، كما أننا نقوم بتصديره للعديد من الدول العربية، مثل لبنان وسوريا، إلى جانب بعض الدول الأوروبية».

يستخدم أهالي القرية الشيح مشروباً للعلاج، فهو يستخدم لخفض درجات الحرارة، فضلاً عن دوره كمقوٍّ للأعصاب، ويستخدمه كثير من المعالجين الشعبيين في وصفات لعلاج عسر الهضم عند الأطفال، حيث يشجع إفرازات المعدة والصفراء، كما تستخدم زهوره ضمادات للالتهابات، وبخاصة تلك التي تسببها الزيوت العطرية للجلد، وهو ينافس في قدرته العلاجية المواد الفعالة المستخرجة من زهرة البابونغ، خصوصاً في ما يتعلق بعلاج قرحة المعدة.

20 نوعاً

تنتج مصر العديد من أنواع النباتات العطرية، والتي يصل عددها إلى نحو 20 نوعاً، تتمتع بقيمة اقتصادية كبيرة، مثل الشيح والكراوية والشمر، وغيرها من النباتات العطرية، التي تحتل محافظة الفيوم موقع الصدارة في زراعتها، حيث يبلغ إنتاجها نحو 19% من جملة إنتاج النباتات العطرية في مصر، والتي تقدر جملة صادراتها الزراعية منها بنحو 45 مليون دولار سنوياً.

المصدر: صحيفة الخليج

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى