أخبارالأخبار العالمية

بالكاد تجاوز الثلاثين .. من هو عراب الانقلابات في غرب إفريقيا ؟

الشارقة – «الخليج»

لم يكن آخر أيام سبتمبر/أيلول 2022 يوماً عادياً في تاريخ بوركينا فاسو، حيث أقدم شاب عسكري لم يكن يحمل سوى رتبة «نقيب» في الجيش البوركيني بانقلاب خاطف ناجح، هو الثامن في تاريخ البلاد والثاني في أقل من 9 أشهر. فمن هو إبراهيم تراوري عراب انقلابات إفريقيا؟

في آخر ليلة من سبتمير، أعلنت مجموعة من العسكريين في بيان بثه التلفزيون الوطني في بوركينا فاسو تنحية الكولونيل بول هنري داميبا رئيس المجلس العسكري من منصبه كرئيس للفترة الانتقالية وتعيين الكابتن إبراهيم تراوري الذي كان قائداً لفيلق فوج مدفعية كايا في شمال بوركينا فاسو.

وأطاح الشاب تراوري برفيقه السابق، اللفتينانت كولونيل بول هنري داميبا في 30 سبتمبر/أيلول 2022، بعد أن اتهم الأخير بعدم الوفاء بتعهده بالقضاء على التمرد الإرهابي الذي تشهده بوركينا فاسو منذ عام 2015.

ومع غياب مؤسسات ديمقراطية قوية في بوركينا فاسو التي طالما كان الجيش مهيمناً عليها، سيطر الكابتن تراوري على مقاليد الحكم، متعهداً بتحسين الأوضاع الأمنية في بلد يعيش في خوف دائم من المسلحين والإرهاب .

وأصبح الكابتن إبراهيم تراوري، الذي يقال عنه إنه كان تلميذاً ذكياً وخجولاً، أحدث ضابط يستولي على السلطة في انقلاب عسكري في بوركينا فاسو، إحدى مستعمرات فرنسا السابقة في الغرب الإفريقي.

ولد تراوري عام 1988، أي أنه يبلغ من العمر 34 عاماً، ما يجعله أصغر زعيم دولة في إفريقيا، ويضعه في مصاف قائدَي الانقلاب الآخريَن في إفريقيا حالياً، الزعيم الغيني الكارزمي الكولونيل مامادي دومبويا الذي ولد عام 1981، وزعيم مالي الكولونيل أسيمي غويتا المولود في عام 1983، وآخرهم قائد انقلاب النيجر عبد الرحمن تيشاني البالغ من العمر 61 عاماً.

وقال الكابتن تراوري لمسؤولي حكومة بوركينا فاسو: «أعلم أنني أصغر من معظمكم هنا. إننا لم نكن نريد ما حدث، لكن لم يكن أمامنا خيار».

واكتسب الكابتن تراوري خبرته العسكرية الأولى من خلال محاربة الإرهابيين في مالي، حيث كان يخدم ضمن قوة الأمم المتحدة هناك، ويقال إنه «أبدى شجاعة» في مواجهة «هجوم معقد» شنه المسلحون عام 2018 في منطقة تيمبوكتو التي تشتهر بمبانيها العتيقة.

  • شارك في انقلاب

وبعد سنتين من التكوين في الأكاديمية العسكرية، تم إرساله إلى فوج المدفعية الموجودة في منطقة كايا شمال بوركينا فاسو في 2014، ليحصل هناك على رتبة ملازم ثم رتبة كابتن في 2020 قبل أن يتم تعيبنه في شهر مارس/آذار من نفس السنة قائداً للفوج العاشر للمدفعية العسكرية في منطقة كايا من قبل الكولونيل بول هنري داميبا الذي تمت تنحيته فيما بعد من رئاسة المجلس العسكري.

وإبراهيم تراوري البالغ من العمر 34 عاماً كان من ضمن الضباط الذين شاركوا في إزاحة رئيس بوركينا فاسو السابق «روك مارك كرستيان كابوري» من السلطة في يناير 2022. فيما تعهد أيضاً بمحاربة الجماعات الإرهابية التي تنشط في البلاد وفي منطقة الساحل.

ويعد الانقلاب الذي تزعمه، والذي كان الثاني في بوركينا فاسو في غضون أقل من 9 أشهر، امتداداً «لوباء الانقلابات» الذي أثار قلق الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس في عام 2021.

فقد صرح غوتيريس آنذاك قائلاً: «أوجه مناشدتي بوجه خاص إلى القوى الكبرى لكي تتعاون وتتحد في إطار مجلس الأمن من أجل خلق رادع فعال فيما يتعلق بوباء الانقلابات العسكرية».

لكن بسبب تركيز القوى العالمية على أزماتها الداخلية أو الحرب في أوكرانيا، فإنها لم تبد الكثير من الاهتمام بحالة عدم الاستقرار التي عصفت ببلدان مثل بوركينا فاسو ومالي وآخرهم النيجر منذ أسابيع.

وسطع فجأة نجم الكابتن إبراهيم تراوري، الذي نصَّب نفسه قائداً عسكرياً لبوركينا فاسو إثر الانقلاب الذي أطاح بالكولونيل بول هنري داميبا رئيس المجلس العسكري الحاكم نهاية سبتمبر 2022. وعزز توهجه إفريقياً وعالمياً، رغبته الجامحة في إعادة النظر بالشراكة التي تربط بلاده بفرنسا، وخطته التي تقتضي برسم خريطة سياسية جديدة لإخراج البلاد من أزمتها الدستورية حسب رأيه.

وبخصوص العلاقة بين فرنسا وبوركينا فاسو، قال: «بوركينا فاسو تتعامل مع فرنسا ومع شركاء آخرين، على غرار روسيا التي يربطنا معها عقد عسكري، نحن نستخدم كثيراً العتاد العسكري الروسي».

واجاب خلال افادة صحفية بعيد الانقلا علي سؤال،هل تنوون الحفاظ على الشراكة مع فرنسا، أجاب متحدثا: «بما أن هناك علماً فرنسيا في بلادنا فهذا يعني بأننا تجمعنا علاقة شراكة معها، لكن في نفس الوقت يجب مراجعتها لأن هناك بعض الأشياء التي يجب تعزيزها وتحسينها وأخرى يجب ربما التخلي عنها».

وتأسَّف وقتها إزاء الهجمات التي استهدفت بعض المصالح الفرنسية في بوركينا فاسو، موضحاً أن ذلك كان «نتيجة الانحرافات والتجاوزات التي قام بها بعض المتظاهرين الذين تسببوا في أعمال تخريب بالعاصمة».

ومنذ الانقلاب الذي شهدته النيجر في 26 يوليو/ تموز الماضي، حين أطاح الجنرال عبد الرحمن تيشاني قائد الحرس الرئاسي بالرئيس الموالي للغرب محمد بازوم، تغير المشهد بشكل تام في الشارع، وبدأت مشاعر العداء لفرنسا تطفو على السطح من دون مواربة أو خوف، وظهرت الأعلام الروسية في مقاطع فيديو وطغت على مشهد الاحتجاجات في مناطق عدة بالبلاد، ورزحت السفارة الفرنسية في نيامي تحت رحمة غضب المتظاهرين.

وسريعاً أيدت بوركينا فاسو بقيادة القائد الشاب، الحركة الانقلابية على الرئاسة في النيجر، وحذرت بجانب مالي في بيان مشترك من أن أي تدخل عسكري في النيجر لإعادة الرئيس محمد بازوم، إلى الحكم.

وأكدت أن أي تدخل سيكون بمثابة «إعلان حرب على بوركينا فاسو ومالي معاً».

وأصبحت النيجر آخر دولة، في غرب إفريقيا، يستولي فيها الجيش على السلطة، بعد بوركينا فاسو، وغينيا، ومالي، وتشاد. وهي كلها مستعمرات فرنسية سابقة.

وتشير الإحصائيات إلى أن 78% من الانقلابات، التي حصلت في إفريقيا جنوب الصحراء، منذ التسعينات وعددها 27 انقلاباً، حصلت في دول فرانكوفونية.

  • حليف قوي لروسيا

وفي البيان رقم 1 الذي بثه التلفزيون الرسمي لبوركينا فاسو، أعلن تراوري أنه جاء «منقذاً للبلاد» بعد التدهور الأمني والإداري والسياسي الذي تشهده، كما التزم بمحاربة ما سماها «الجماعات الإرهابية والمسلحة».

وتقول تقارير غربية كثيرة إن تراوري حليف قوي لروسيا، وخلال تصريح مطول له في إذاعة فرنسا الدولية في الثالث من أكتوبر/تشرين الأول 2022 قال إن بلاده ترتبط بعقد عسكري مع روسيا وتستخدم عتادها بكثرة.

وقد سارعت مجموعة فاغنر العسكرية الروسية إلى وصف تراوري ب«الشجاع والابن البار» لبوركينا فاسو، مؤكدة استعدادها للعمل معه.

وقال مؤسس المجموعة في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي إن انقلاب تراوري ورفاقه كان «ضرورياً»، وإنهم «قاموا به فقط من أجل مصلحة شعبهم».

المصدر: صحيفة الخليج

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى