الفجيرة في عهد حمد.. 50 عاماً من القيادة والحكمة
تحل غداً الأربعاء 18 سبتمبر، الذكرى الـ 50 لتولي صاحب السمو الشيخ حمد بن محمد الشرقي عضو المجلس الأعلى حاكم الفجيرة مقاليد الحكم في الإمارة، خلفاً لوالده المغفور محمد بن حمد الشرقي “طيب الله ثراه“.
وشرع سموه منذ توليه مقاليد الحكم بوضع الخطط والإستراتيجيات لتحقيق التنمية المستدامة في المجالات الاقتصادية والسياحية والاجتماعية والثقافية، وكانت مقولة سموّه الشهيرة: “نمضي قدماً لمستقبل مشرق، بهمّة لا تعرف المستحيل”، منارةً سارت عليها مؤسسات الفجيرة المحلية، مواصلة مسيرة الإنجازات وترسيخ مكانة دولة الإمارات في ظل قيادتها الرشيدة.
وتحتفي الفجيرة بسجل إنجازات متراكمة على مدار خمسين عاماً، شكل فيها فكر سموّه وحبّه لأبناء هذه الأرض الطيبة المنطلق والأساس في عملية تنموية ملهمة أسهمت في تعزيز خطوات الإمارة نحو التطور والنهضة العمرانية، وفي الوقت نفسه، ظلت الفجيرة محتفظةً بأصالتها وتراثها وجوهرها الثقافي.
– دور لافت
لعب صاحب السمو حاكم الفجيرة دوراً لافتا في لقاءات عربية ودولية، نقل من خلالها وجهة نظر الإمارات لقادة دول العالم حينما مثّل الإمارات في العديد من القمم العالمية التي عقدت على مدار الخمسين عاماً الماضية.. ففي عام 1991 مثل سموه الدولة في القمة الإسلامية السادسة في العاصمة السنغالية داكار، وفي العام 2000 مثّل سموه الإمارات في القمة الإسلامية التاسعة، وعلى المستوى العربي، مثّل سموه دولة الإمارات في العديد من القمم العربية، مثل قمة تونس عام 2004، فيما شارك سموه في العام 2005 في القمة العربية بالجزائر.
وتوالت مشاركات سموه في القمم العربية التي عقدت في الدوحة عام 2009، وفي الكويت عام 2014، وفي مصر عام 2015، وفي نواكشوط عام 2016. كما كان لسموه مشاركة بارزة وفاعلة في القمة العربية الأوروبية الأولى في مصر عام 2019 والتي أقيمت تحت شعار “الاستثمار في الاستقرار”، وشارك سموه قبل ذلك في الكثير من القمم والمؤتمرات الدولية منها “قمة الألفية” في نيويورك.
كما مثّل سموّه دولة الإمارات في مؤتمر حوار الأديان الذي عقد في نيويورك عام 2008، ومؤتمر القمة العالمية للتنمية المستدامة الذي عقد في جنوب أفريقيا عام 2002.
ومن أحدث مشاركات صاحب السمو الشيخ حمد بن محمد الشرقي، كانت في مؤتمر الأمم المتحدة الخامس المعني بأقل البلدان نمواً والذي عقد في دولة قطر عام 2023، تحت شعار “من الإمكانيات إلى الازدهار“.
– وجهة اقتصادية
نجحت الفجيرة في عهد سموه في تحقيق قفزة اقتصادية ملفتة، لتتحول الإمارة إلى مركز اقتصادي إستراتيجي على الصعيد المحلي والدولي والإقليمي.
وتعد موانئ الفجيرة من أكبر الموانئ البحرية في الإمارات، وهي مركز للعديد من المشاريع، مثل مشروع خط أنابيب أبوظبي للنفط الخام (آدكوب) الإستراتيجي، وأكبر رصيف بترولي في الدولة وأعمق رصيف في العالم لتحميل ناقلات النفط العملاقة المطلة على ساحل المحيط الهندي، فيما بلغت حركة تفريغ وتحميل الحاويات في ميناء الفجيرة حوالي 5 آلاف حاوية لعام 2023.
كما يبلغ إنتاج المصافي من المنتجات البترولية في منطقة الفجيرة للصناعات البترولية حوالي 4 آلاف طن متري لعام 2023.
وفي السياق ذاته، عزز مطار الفجيرة الدولي دوره كمركز للطيران وحركة النقل والسياحة في الساحل الشرقي لدولة الإمارات، ونجح المطار مؤخراً في تعزيز خيارات السفر من وإلى الإمارة معززاً قائمة المدن التي تربط الفجيرة بالعالم.
في الوقت ذاته، شهدت الإمارة نمواً واضحاً في استغلال الثروات الطبيعية عبر تعزيز عمل الكسارات الصخرية في الإمارة، والتي رفدت السوق المحلي والإقليمي لتخدم منتجاتها العديد من مشاريع البنى التحتية لخدمة المشاريع العملاقة في مختلف أنحاء الدولة، وتعتبر الفجيرة المصدر الأساسي لمنتجات كسارات الجبال الصخرية لكل أنحاء الخليج العربي.
ومع التطور الاقتصادي المذهل وتنوع الموارد المالية للإمارة، بلغت واردات التجارة الخارجية المباشرة حوالي ملياري درهم للعام 2023، في حين بلغ عدد الرخص الاقتصادية للعام الماضي 22 ألف رخصة صادرة عن حكومة الفجيرة.
ويعمل في الفجيرة الآن حوالي 14 بنكاً تعمل على تعزيز وتسهيل إجراءات الشركات والإفراد.
علاوة على ذلك، عزّز سموّه روح ريادة الأعمال بين الشباب، فدعم الاستثمار في المشاريع الصغيرة والمتوسطة، حيث وصل عدد إصدار وتجديد الرخص التجارية والصناعية والمهنية والحرفية إلى 21 ألف رخصة صادرة من إمارة الفجيرة.
كما شجع سموّه على استقطاب الاستثمارات الأجنبية للإمارة وتعزيز التجارة الخارجية، مما ساعد على جذب وتطوير رؤوس الأموال والاستثمارات.
– الإنسان أولاً
وشغل العنصر البشري جانباً مهماً في فكر سموه، وهو ما تجلى بوضوح عند الإعلان عن خطة الفجيرة الاستراتيجية الشمولية 2040 بتوجيهات سموه الكريمة لتحسين جودة حياة المواطنين والمقيمين، واشتملت الخطة، على حزمة من المشاريع الحيوية.
وشهدت الفجيرة في عهد سموّه، الكثير من مشاريع البنية التحتية الهادفة لتحسين جودة الحياة وتعزيز الاقتصاد، ومنها تطوير شبكة الطرق الرئيسية والفرعية، لتسهيل حركة المرور وتعزيز الاتصالات بين الإمارات المختلفة، كما تم إطلاق عدة مشاريع سكنية تهدف إلى توفير وحدات سكنية مريحة ومتنوعة للمواطنين، منها مشروع مدينة الشيخ محمد بن زايد، حيث ساهمت هذه المشاريع في تعزيز البنية التحتية للفجيرة، كما ساعدت في تلبية احتياجات السكان والزوار.
وآمن سموّه بضرورة بناء الإنسان ودوره الفاعل في تحقيق النهضة التنموية الشاملة في الدولة، فقد أصدر سموّه القانون رقم 2 لعام 2018، القاضي بتأسيس
“مؤسسة حمد بن محمد الشرقي للأعمال الإنسانية”، للمساهمة في تحقيق المبادىء الإنسانية السامية، من خلال توفير الدعم والمساعدات المالية والعينية للشرائح المحتاجة في المجتمع، وتأمين الحياة الكريمة لهم، وقبلها كانت “جمعية الفجيرة الخيرية” التي حققت بدعم سموه إنجازات كبيرة وصل صداها للآفاق لكل المحتاجين.
– التعليم والمستقبل
شهد قطاع التعليم في إمارة الفجيرة، مراحل متعددة من التحسين والتطوير في الـ50 عاماً الماضية، وقد أولى سموّه التعليم اهتماماً كبيراً منذ توليه الحكم، فعمل على تعزيز وتطوير قطاع التعليم في الإمارة، مؤكداً أهميته في تحقيق التنمية المستدامة والازدهار.
وتضم الفجيرة اليوم عدداً من الكليات والجامعات، منها كلية التقنية العليا، وجامعة العلوم والتقنية، وجامعة الفجيرة، وأكاديمية الفجيرة للطيران، وكلية “بي اي ام إس”، وكلية لندن أمريكن سيتيز، فيما بلغ عدد المدارس 67 مدرسة حكومية وخاصة.
وحرص سموه، على دعم الموهوبين وتشجيع القدرات الوطنية في إنتاج الأفكار الإبداعية وتقديم الدعم المادي والمعنوي لتمكينهم من تنمية قدراتهم ومواهبهم في مجال الابتكار والإبداع.
– الرعاية الصحية
وحققت الفجيرة في عهد سموه، قفزات مميزة في جانب الرعاية الصحية، حيث تحتضن الإمارة 3 مستشفيات حكومية منها مستشفى الفجيرة ومستشفى مسافي ومستشفى دبا، فيما عزز القطاع الصحي حضوره عبر عدد من المشاريع الخاصة مثل مستشفى الشرق، وثومبي، إلى جانب عدد كبير من العيادات والمراكز الصحية التي تصل إلى 117 عيادة ومركزا صحيا.
وارتفع عدد الأطباء والممرضين المشتغلين في القطاع الحكومي إلى 1211 والقطاع الخاص إلى 868 طبيباً وممرضاً حسب آخر إحصاءات مركز الفجيرة للإحصاء، وذلك حتى يتم توفير كافة أشكال الدعم والرعاية الصحية لأفراد المجتمع بكل مرونة وسلاسة.
– حراك ثقافي
بدا اهتمام سموه بالثقافة واضحاً، حيث باتت الفجيرة في عهد سموه، معلماً ثقافياً وإبداعياً بارزاً في المحافل العربية والدولية، ومنح المكتب التنفيذي للهيئة العالمية للمسرح الميدالية الذهبية للمسرح العالمي لصاحب السمو الشيخ حمد بن محمد الشرقي عضو المجلس الأعلى حاكم الفجيرة، لدعمه للهيئة وأنشطتها.
وتستضيف الإمارة سلسلة ثرية من الفعاليات الثقافية سنوياً، حيث استضافت المؤتمر الدولي للكونغرس العالمي للهيئة الدولية للمسرح في العام 2022، فيما رسخ مهرجان الفجيرة الدولي للفنون مكانته كأحد أبرز المهرجانات المحلية، إضافة إلى مهرجان الفجيرة الدولي للمونودراما، فقد احتفل العام الماضي بمرور عشرين عاماً على تأسيسه.
وعززت الفجيرة في عهد سموه حضورها الإعلامي عبر إطلاق تلفزيون الفجيرة، وإذاعة الفجيرة على التردد 92.6 ، وإذاعة زايد للقرآن الكريم، فيما تعتبر مدينة الفجيرة للإبداع مركزاً مهماً لأصحاب المشاريع الإعلامية الرائدة انطلاقاً من الفجيرة.
– صون التراث
وحرص سموه على المحافظة على مزيج فريد يمزج بين التنمية والمحافظة على الأصالة والتراث، لذا كان الحفاظ على المناطق الأثرية والتاريخية ضمن رؤية واضحة وشاملة لسموّه، وغرساً لقيم العراقة والأصالة في نفوس شباب الوطن، وإبرازاً للموروث الإماراتي للسياح والزوار.
وأكد سموّه مراراً، أهمية تعريف الأجيال بإرث أجدادهم وثقافتهم، لما له من أثر إيجابي في تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
وتمتلك الإمارة أيقونات تراثية وتاريخية هامة، كقلعة حصن الفجيرة التي يعود تاريخها إلى القرن السادس عشر، وتحكي بين ثناياها بسالة أهالي الفجيرة في الذود عن أرضها جنباً إلى جنب، مع باقي قلاع الإمارة مثل قلعة أوحلة ومسافي ودبا.
كما يعد مسجد البدية من أقدم المساجد التاريخية والأثرية في الفجيرة، ويعود تاريخه إلى أكثر من 500 سنة.
ويعد الجانب الأثري في الإمارة، رافداً أساسياً لجذب الزوار والسياح وتنشيط القطاع السياحي للاستمتاع بأفضل تجربة سياحية تراثية ترافقها الفعاليات الثقافية والتراثية والترفيهية في تاريخ الإمارة، حيث بلغ عدد زوار الأماكن الأثرية من قلاع ومتاحف وقرى تراثية حوالي 114,305 زائرين خلال عام 2023.
– طفرة سياحية
واهتم سموّه، بتعزيز قطاع السياحة، فقد تم تطوير حزم من المشاريع السياحية والفنادق لجذب الزوار والمستثمرين، حيث بلغ عدد الغرف الفندقية حوالي 5000 غرفة فندقية تتبع 31 فندقاً لعام 2023 منها 13 فندقاً من فئة 5 نجوم، كما زاد عدد مباني الشقق الفندقية في الإمارة ليصل إلى 11 مبنى، وبلغت إيرادات المنشآت الفندقية 573 مليون درهم، لتصبح مورداً أساسياً في رفع اقتصاد الإمارة.
– دعم الرياضة
وعززت الإمارة في ظل قيادة سموه حضورها على المشهد الرياضي المحلي والإقليمي ومنه نحو العالمية، حيث أكد سموه ضرورة الاهتمام بالرياضات المختلفة، ووجه بدعم الفرق والمنتخبات للمشاركة في المحافل الرياضية داخل وخارج الإمارات.
ويشكل نادي الفجيرة للرياضات البحرية أنموذجاً ملهماً للنجاح الرياضي في الفجيرة عبر سلسلة من المشاركات العالمية، واستضافته للعديد من البطولات العالمية طوال العالم، وقد احتفى النادي مؤخراً بشهادة الاعتراف الدولية باعتماد أكاديمية تدريب الشباب والناشئين كمركز عالمي دائم للتدريب والتعليم، تحت مظلة وإشراف الاتحاد الدولي للسباقات البحرية -يو آي أم- في شهر مارس2024.
أما فريق الفجيرة للفنون القتالية، فدأب سنوياً على تسجيل أرقامٍ مذهلة في الحصول على الجوائز والميداليات، ويعود ذلك لاهتمام سموّه الدائم ومتابعته الحثيثة لكل أنواع الرياضات بالإمارة. فيما شكلت حديقة الفجيرة للمغامرات إضافة مميزة وحديثة لمحبي مختلف الهوايات الجبلية.