أهالٍ يقدمون لأطفالهم مشروبات الطاقة.. «لمساعدتهم على التركيز»
أفاد خبراء واختصاصيون بأن بعض الأهالي يسمحون لأطفالهم بتناول مشروبات الطاقة، ظناً منهم أنها تزيد نشاطهم وتساعدهم على السهر والتركيز في المذاكرة، محذرين من خطورتها البالغة على الأطفال، إذ تسبب ارتفاع السكر في الدم وإدمان الكافيين والأرق وتؤثر في الصحة النفسية.
وقالت نائب رئيس جمعية الإمارات لحماية الطفل، موزة الشومي، إن بعض الأهالي يعتبرون مشروبات الطاقة شيئاً طبيعياً، لكننا كناشطين في مجال حماية الطفل نراها ظاهرة وسلوكاً إدمانياً، لأن بعض الدراسات التي أعلنتها منظمات الأغذية الأميركية والبريطانية تتحدث عن خطر مشروبات الطاقة على صغار السن، حيث أشارت إلى أن الأطفال من 10 – 17 سنة الذين يتناولون مشروبات الطاقة بانتظام، معرضون لإدمانها.
وأضافت: «كثير من أولياء الأمور لا يعتبرونها مخدرات وهي لا تقلقهم، فأولاً لا فائدة غذائية للطفل منها غير السعرات الحرارية، وإذا لم يحرق هذه السعرات فإنها تتراكم في جسمه وتخرّب معدل السكر، وتؤثر في سلامته الصحية والنفسية، حيث يصير عصبياً ويصيبه الأرق، ولا يستطيع الذهاب إلى المدرسة صباحاً».
وتابعت: «من الممكن أن يكون لدى الطفل فرط الحركة، ومع تناول تلك المشروبات يزيد نشاطه في المدرسة، ويتأثر سلوكه مع زملائه»، لافتة إلى أن مشروبات الطاقة تحتوي على الكافيين والسكريات العالية، ولذلك من يتناولها يجب أن يكون ممارساً للرياضة، لكن في الوقت نفسه هناك تحذيرات من تناولها والإكثار منها.
وأشارت الشومي إلى أن حكومة الإمارات حددت سناً لتناول مشروبات الطاقة، لا تقل عن 18 سنة، لكن بعض أولياء الأمور لا يعون أن لمشروبات الطاقة تأثيرات سلبية على المدى البعيد، وإذا لم يمارس الطفل أي نشاط أو يتناولها أمام الكمبيوتر والألعاب الإلكترونية تؤثر فيه صحياً وتزداد السعرات الحرارية في جسمه، وقد تصل به لتأثيرات سلوكية مثل التطاول على الأهل.
وقالت: «لابد أن يعي أولياء الأمور أن مشروب الطاقة خطير ويؤثر في صحة الابن السلوكية، وإذا أدمنها فقد يدمن شيئاً آخر، لأنه اعتاد على مواد خارجية للنشوة، فأي طفل تتعرض سلامته النفسية والصحية والأخلاقية للخطر فولي الأمر مُحاسب أمام القانون»، موضحة أن «المادتين 35 و36 من قانون وديمة وضعتا المسؤولية كلها على ولي الأمر الذي يجعل ابنه عرضة للمخاطر. ويؤدي الإهمال إلى إساءة جسدية ونفسية وصحية وأخلاقية للطفل، وهذه فيها عقوبة تراوح بين الغرامة والسجن حسب القانون».
وقال استشاري طب الأسرة، الدكتور عادل سعيد سجواني، إن مشروبات الطاقة تشكل خطراً كبيراً على الصغار والكبار، حيث تحتوي على كميات عالية من الكافيين وهي مادة منشطة للدماغ يتم إدمانها، كما تحوي كمية كبيرة من السعرات الحرارية والسكريات ويلجأ إليها العديد من الشباب والأطفال لزيادة التركيز والسهر خاصة للدراسة.
وأضاف أن الجمعية الأميركية لأطباء الأطفال توصي بمنع مشروبات الطاقة على الأطفال جميعهم، أما جمعية القلب الأميركية فأثبتت أن مشروبات الطاقة لها آثار سلبية على القلب، مثل حدوث تغيير في تخطيط القلب للطفل والشاب وعدم انتظامه، ما يؤدي إلى فشل عضلة القلب مستقبلاً.
وأشار سجواني إلى أن الإكثار من مشروبات الطاقة كمادة مُدمَنة يؤدي إلى حدوث الإدمان، وعندما يريد الشخص التوقف تظهر عليه أعراض انسحابية كالصرع والتوتر، كما أثبتت الدراسات أنها تؤدي إلى كثير من الأمراض النفسية للأطفال والشباب كالاكتئاب، فضلاً عن أنها لا تزيد التركيز، فهي تعمل فقط على زيادة السهر، لذلك من يشربها لا يستفيد منها خلال المذاكرة.
وحذّر سجواني من خطورة مشروبات الطاقة، قائلاً: «لا يوجد مشروب طاقة آمن».
وعن مدة بقاء تأثير مشروبات الطاقة في الجسم قال: «أغلب الكافيين ينتهي من الجسم خلال ثماني ساعات، ومن ثم فإن المكون الرئيس بمشروبات الطاقة يسبب هشاشة عظام وزيادة دقات القلب وقد يصل إلى فشل في القلب يستمر طوال العمر».
وقالت اختصاصي نفسي للأطفال والمراهقين، مؤسس مشروع «أبناؤنا مسؤوليتنا»، الدكتورة بدرية الظنحاني، إن مشروبات الطاقة هي مشروبات تحتوي على كميات مركزة من الكافيين والسكر، وبعض المواد المحفزة بكميات مضاعفة تشكل خطراً على الأطفال والمراهقين، حيث تحتوي مشروبات الطاقة على بعض المكونات المحفزة الأخرى مثل الجينسينج والتورين، ما يجعلها تهدد صحة الإنسان بكثير من الأمراض.
وأضاف: «ينبهر الطلبة والمراهقون بالإعلانات التي تروج لمشروبات الطاقة، وتوهمهم بقدرتها على إمداد الجسم بالقوة، ورفع مستويات النشاط الذهني والجسدي لديهم»، مشيرة إلى أن الطفل الذي يستهلك مشروب الطاقة يعاني من مشاكل نفسية مثل القلق والأرق والصداع وفرط الحركة، إلى جانب المشاكل الصحية، حيث إن استهلاك كمية كبيرة من الكافيين يرتبط لدى الطفل بالغثيان والقيء والتشنجات وارتفاع ضغط الدم.
وأوضحت أن مشروبات الطاقة لا تحتوي على أي قيمة غذائية للطفل، وللأسف يقبل الكثير من الأهل على إعطاء الأطفال مشروبات الطاقة وذلك من أجل التميز في الألعاب الرياضية وهذا يعرض الطفل لمخاطر صحية كثيرة، حيث يحذر الأطباء والمختصون من أن محبي مشروبات الطاقة من صغار السن أكثر عرضة للإصابة بالصداع ومشاكل النوم والتهيج والاستبعاد من المدرسة.
وقالت: «ليكون الأطفال بمأمن من أضرار مشروبات الطاقة، يجب على الوالدين حثهم على تناول المشروبات المفيدة كعصائر الفاكهة الطازجة والأعشاب المفيدة، وتشجيعهم على تناولها بالتنوع في إعدادها وسؤالهم عن أفضل عصائر الفاكهة التي يفضلونها، والسماح لهم بإعداد ما يروقهم منها».
وأضافت: «لاحظت من خلال دراساتي للحالات أن الأطفال والمراهقين الذين يكونون على دراية أفضل بمحتويات المنتجات الضارة يكون لديهم قدر من التحكم، وقد يشربون كميات أقل، وهنا لابد أن تكون هناك حملة من خلال فيديوهات تثقيفية أو إصدارات كرتونية توافق سن الأطفال تحتوي على تحذيرات أكثر وضوحاً على العبوة، يمكن أن تقلل من الاستهلاك».
وأشارت إلى أن «هناك بدائل وطرقاً صحيّة لتحضير مشروب الطاقة من المنزل، منها الشاي الأخضر وعصائر الخيار والتفاح الأخضر، وعصير السبيرولينا والبطيخ الأحمر والجينسينج الأحمر، لما توفره تلك العصائر للجسم من فوائد صحية تزيد القدرة على التركيز واليقظة».
وقال محاضر في العلاقات الأسرية، عضو جمعية الإمارات لحماية الطفل، الدكتور حمد عبدالرحمن البقيشي، إن مرحلة الطفولة تعد الأساس في بناء الإنسان، فهي تترك بصمات واضحة على حاضر الطفل ومستقبله، وفي ظل التطور الشامل الذي نعيشه في كل مناحي الحياة، ظهر ما يعرف باسم مشروبات الطاقة بين الأطفال.
وأضاف: «يسوَّق مشروب الطاقة على أنه مشروب يعمل على رفع مستويات النشاط الذهني والجسدي، ظهرت أول علامة تجارية منه عام 1977 في الولايات المتحدة الأميركية وازدهرت صناعته واتسع انتشاره حتى وصل إلى أكثر من 500 علامة تجارية مختلفة في عام 2006»، موضحاً أن «مشروب الطاقة من حيث التركيب يشبه المشروب الغازي SOFT DRINK، فهو يحتوي على الكافيين والغلوكوز والسكروز وفيتامينات مجموعة ب مثل (ب1، ب6، ب12) وبعض الأحماض الأمينية إلا أن تركيز الكافيين فيه أعلى بكثير من المشروبات الغازية».
وأوضح أنه «رغم التأثيرات الإيجابية المتعددة لمشروبات الطاقة فإنه يزيد من نسبة الكافيين في الدم، ومن ثم فإنه يؤدي إلى رفع ضغط الدم وزيادة إدرار البول ورفع مستوى الأيض وزيادة حرق الدهون وتحفيز الجهاز العصبي وزيادة حركة الأمعاء الدودية، ما يؤدي إلى تنشيط الذاكرة. لكن رغم ذلك، أثبتت الأبحاث العلمية أن الإفراط في تناوله يؤدي إلى الإدمان وهشاشة العظام، كما يصيب الكبد بأضرار بالغة، ويؤدي إلى رفع ضغط الدم، وخفض استجابة الأنسجة لهرمون الأنسولين، وخفض عدد الحيوانات المنوية، والصداع المزمن والأرق واضطرابات النوم».
كما أشارت بعض الدراسات إلى أن الكافيين له تأثير سلبي في وظائف الجهاز العصبي والجهاز الدوري والهضمي والكلى، لذلك وضعت بعض الدول الصناعية تشريعات تلزم المنتجين بوضع تحذير على غلاف العبوة بخصوص الآثار السلبية في الصحة العامة للجسم.
وقال البقيشي: «هناك أيضاً آثار سلبية في الجانب النفسي والسلوكي، فقد توصلت بعض الدراسات إلى وجود ارتباط وثيق بين استهلاك مشروب الطاقة وظهور مشاكل سلوكية، حيث أوضحت النتائج أن زيادة الاستهلاك ترافق زيادة تعاطي المواد المخدرة والتدخين وشرب الكحول وزيادة اللجوء للعنف الجسدي».
وتابع: «من كل ذلك نرى أنها مادة مضرة والفائدة منها شكلية ولحظية كالفائدة والمنفعة من حبوب المخدرات فإن متعاطيها يشعر بفائدة ويعتقد بوجود متعة ونشاط وفرحة منها ولكنها مادة تدميرية تدمر خلاياه».
• دراسة: الأطفال من 10 – 17 سنة الذين يتناولون مشروبات الطاقة بانتظام معرضون لإدمانها.
الدكتورة بدرية الظنحاني:
• «مشروب الطاقة يسبب للطفل القلق والأرق والصداع وفرط الحركة».
دراسة
كشفت دراسة أصدرتها جمعية القلب الأميركية، عن تسبب مشروبات الطاقة بمشكلات صحية خطيرة لدى الأطفال.
ووجد الباحثون أن نسبة 41% من أصل 5000 مكالمة وردت إلى مراكز السموم بسبب تعرض الأطفال تحت سن السادسة للتسمم نتيجة تناول مشروب الطاقة، أو المعاناة من آثار جانبية مثل تزايد نبضات القلب بشكل غير طبيعي.
وركز المشرف على الدراسة، ورئيس قسم طب الأطفال في جامعة «واين ستايت» الأميركية، الدكتور ستيفن ليبشلتز، على حالات الأطفال الذين أصيبوا بأمراض نتيجة تناول مشروبات الطاقة، في الوقت الذي تعتبر فيه الدراسات حول تأثير الكافيين محدودة.
وقال ليبشلتز «إنّ تناول الأطفال كمية من الكافيين تقل عن 100 مليغرام يتسبب بآثار صحية سلبية».