لماذا يسعى بايدن لإغلاق باب «الناتو» في وجه أوكرانيا؟
في مفاجأة أثارت التكهنات، ذكرت صحيفة بيزنس إنسايدر أن الرئيس الأمريكي جو بايدن قد أعدّ خططاً على ما يبدو، ليظل الباب مغلقاً أمام انضمام أوكرانيا لحلف شمال الأطلسي (الناتو)، مرجحة أن انضمامها قد يؤثر على حظوظ الرئيس الأمريكي في الانتخابات المقبلة، بسبب المادة الخامسة من ميثاق الحلف.
وفي مقابلة مع مجلة تايم هذا الأسبوع، قال بايدن، إنه غير مستعد لدعم «دخول أوكرانيا إلى الناتو»، مضيفاً أنه شهد «فساداً كبيراً» عندما زار أوكرانيا بصفته نائباً للرئيس. وأكد بايدن: «السلام لا يعني الناتو».
ويأتي ذلك بمثابة ضربة للمسؤولين الأوكرانيين الذين دفعوا باستمرار من أجل الانضمام السريع إلى الناتو بعد انتهاء الحرب.
ويرجع تقرير لصحيفة فايننشال تايمز أن عدم إحراز أوكرانيا أي تقدم نحو عضوية الناتو كان قضية رئيسية خلقت التوتر في العلاقات الأمريكية الأوكرانية.
وتعلق أوكرانيا الآمال على اجتماع حلف شمال الأطلسي في واشنطن، المقرر في الفترة من 9 إلى 11 يوليو/تموز المقبل، للحصول على إشارة أكثر وضوحاً بشأن عضوية أوكرانيا في مرحلة ما بعد الحرب.
وصرحت سفيرة الولايات المتحدة لدى الناتو، جوليان سميث، الشهر الماضي أنه من غير المرجح أن تتلقى كييف دعوة للانضمام إلى قمة الحلف في يوليو/تموز، ووعدت بتقديم حزمة أمنية «كجسر» للعضوية.
ومع ذلك، فإن رفض المضي قدماً في خطة العضوية العاجلة يترك آمال أوكرانيا في الانضمام للناتو في وضع حرج.
وقال ليو ليترا، الزميل الزائر في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية: «يحاول بايدن ترسيخ فكرة لدى الناخب الأمريكي مفادها أن الولايات لا تتدخل حتى لا يضعف فرصه في إعادة انتخابه».
المادة الخامسة
وفي إشارة إلى تعليقات بايدن في مجلة تايم، قال ليترا: «لا أحد في الناتو، وخاصة في الولايات المتحدة، يريد أن يختبر المادة 5».
وتؤيد المادة الخامسة من ميثاق حلف شمال الأطلسي مبدأ الدفاع الجماعي وتلزم الولايات المتحدة والدول الغربية بتخصيص قواتها العسكرية للدفاع عن أوكرانيا. وفي الوقت الحالي، يتعين على أوكرانيا أن تقبل بمجموعة من «الضمانات الأمنية».
وبالإضافة إلى الإعلان المشترك لمجموعة السبع الذي صدر في قمة حلف شمال الأطلسي في يوليو/تموز من العام الماضي، وقعت أوكرانيا 15 اتفاقية أمنية ثنائية مع الدول الأعضاء في الناتو، وتحتوي جميعها على تعهدات مختلفة للعام الحالي.
وقال ستيفان مايستر، رئيس برنامج أوروبا الشرقية في المجلس الألماني للعلاقات الخارجية، إن فشل الهجوم المضاد الأوكراني في الصيف الماضي كان بمثابة نداء استيقاظ كبير للمجتمع الدولي. وقال مايستر، إن هذه الحزم ستوفر لأوكرانيا «دعماً عسكرياً وأمنياً أكثر موثوقية على المدى الطويل من قبل الدول الأعضاء في الناتو».
وأكد متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، أن هناك اتفاقية أمنية بين الولايات المتحدة وأوكرانيا قيد الإعداد.
وقال المتحدث: «إن ترتيباتنا الأمنية الثنائية ستركز على دعم الدفاع عن أوكرانيا في الحرب، وبناء قدرات ردع موثوقة لقوة أوكرانيا المستقبلية، وتوفير خيارات الاستجابة الطارئة».
وقال مساعد الأمين العام للناتو ديفيد فان ويل، إن أحد العروض المؤكدة التي ستطرح في قمة يوليو/تموز هذا العام سيكون اتفاقاً من الناتو إلى أوكرانيا لتوسيع التعاون في مجال تكنولوجيا الدفاع وتبادل المعلومات الاستخبارية فيما يتعلق بقدرات الحرب الإلكترونية الروسية.
ومع ذلك، قال مراقبون، إن عدم وجود التزامات بمساعدات عسكرية مستقرة بعد عام 2024 «يعكس التحديات الحالية التي تواجهها أوكرانيا وحلفاؤها والانقسامات داخل الناتو».
وعلى الرغم من المظاهرات القوية لدعم أوكرانيا من قبل حلفاء الناتو، فإن الخبراء يحذرون من أن هذه الضمانات لن يكون لها وزن يذكر دون وعد بالعضوية الكاملة.
وكتب المحلل الكندي مايكل ماكاي على منصة (إكس)، «بدون عضوية أوكرانيا في حلف شمال الأطلسي، فإن الضمانات الأمنية هي أكاذيب صارخة».
ويشير الخبراء إلى أن «أوكرانيا اعتمدت على ضمانة مماثلة دون آليات قانونية بموجب مذكرة بودابست»، في إشارة إلى الضمانات الأمنية لعام 1994 التي طُلب فيها من كييف تسليم ترسانتها النووية مقابل الحماية من الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، وروسيا، «لكن هذه المذكرة لم تفعل شيئاً لمنع الحرب».
وبينما تعتبر أوكرانيا وبعض أعضاء الناتو هذه الاتفاقيات بمثابة «أدوات لإعداد أوكرانيا لعضوية الناتو في المستقبل»، يرجح مراقبون أن «الشعور العام، خاصة في الولايات المتحدة وألمانيا، هو أن انضمام أوكرانيا إلى الناتو سيكون بمثابة تصعيد مع روسيا».