أخبارالأخبار العالمية

لتكوين شراكات بلا حدود.. موسكو تنطلق نحو بكين شرقاً وهافانا غرباً

«الخليج» – متابعات

تقوم روسيا بنشاط دبلوماسي مكثف في الآونة الأخيرة، للتخفيف من حدة العقوبات التي فُرضت عليها من قبل الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية، حيث انطلقت بقوة شرقاً تجاه الصين وغرباً نحو كوبا، من أجل صنع شراكة بلا حدود، في سعيها لتكوين شبكة قوية من الشركاء التجاريين والحلفاء السياسيين.

علاقات قوية مع بكين

وقَّع رئيس الوزراء الروسي ميخائيل ميشوستين حزمة اتفاقات مع الصين، الأربعاء، خلال زيارة لبكين، وقال إن العلاقات الثنائية بين البلدين ارتقت إلى مستوى غير مسبوق، وذلك على الرغم من الانتقادات الغربية للعلاقات بينهما، في ظل استمرار الحرب في أوكرانيا.

ويأتي هذا التعاون الوثيق بعد إبرام روسيا وبكين اتفاقية شراكة «بلا حدود» قبيل الأزمة الروسية الأوكرانية العام الماضي.

خصم يصل إلى 50% | عروض التصفية من أمازون

وأجرى رئيس الوزراء الروسي، وهو أعلى مسؤول روسي يزور بكين منذ الأزمة الروسية الأوكرانية في فبراير/ شباط 2022، محادثات مع الرئيس الصيني شي جين بينغ ورئيس الوزراء لي تشيانغ.

ومع دخول الحرب في أوكرانيا عامها الثاني، وشعور روسيا المتزايد بثقل العقوبات الغربية، تعتمد موسكو على دعم بكين بقدر يفوق اعتماد الصين على دعم روسيا. وتجني موسكو الأموال من الطلب الصيني على النفط والغاز، بحسب «رويترز».

ولم تظهر أي مؤشرات على تراجع الضغوط الغربية. وخصت الإعلانات الصادرة عن قمة مجموعة السبع في بداية الأسبوع كلا البلدين بالذكر في سلسلة من القضايا، ومن بينها حرب أوكرانيا. واتفقت مجموعة السبع على تشديد العقوبات على موسكو، وحثت الصين على الضغط على روسيا لسحب قواتها من أوكرانيا.

وقال ميشوستين لنظيره الصيني في اجتماعهما الأربعاء: «ارتقت العلاقات بين روسيا والصين إلى مستوى غير مسبوق».

وأضاف: «يتميز (البلدان) بالاحترام المتبادل لمصالح بعضهما بعضاً والرغبة في الاستجابة المشتركة للتحديات المتعلقة بالاضطرابات المتزايدة على الصعيد الدولي وضغط العقوبات غير الشرعية المفروضة من الغرب».

وتابع: «كما يقول أصدقاؤنا الصينيون فإن الوحدة تجعل تحريك الجبال ممكناً».

شراكة بلا حدود

شملت مذكرات التفاهم التي وقعها البلدان اتفاقية لتعزيز التعاون الاستثماري في الخدمات التجارية، واتفاقية خاصة بتصدير المنتجات الزراعية إلى الصين، واتفاقية أخرى حول التعاون الرياضي.

وذكرت وكالة أنباء إنترفاكس أنه من المتوقع أن تزيد شحنات الطاقة الروسية إلى الصين بنسبة 40 بالمئة هذا العام. وأضافت أن البلدين يبحثان تصدير معدات تكنولوجية إلى روسيا.

وزار الرئيس الصيني روسيا في مارس/ آذار، وأجرى محادثات مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بعد إبرام الدولتين اتفاقية شراكة «بلا حدود» قبيل الأزمة الروسية الأوكرانية العام الماضي.

ورفضت بكين محاولات غربية لربط شراكتها مع موسكو بأوكرانيا، مصرة على أن العلاقة بين البلدين لا تنتهك الأعراف الدولية، وأن الصين لها الحق في التعاون مع أي دولة تختارها. وتؤكد أن التعاون بينهما لا يستهدف أي دولة ثالثة.

وقال «شي» لرئيس الوزراء الروسي إنه يتعين على الصين وروسيا إيجاد سبل «للارتقاء بمستوى التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري» مع إمكانية تعزيز التعاون في مجال الطاقة.

دعم متبادل

من جهته أكد الرئيس الصيني شي جين بينغ، الأربعاء، دعم بكين لمصالح موسكو «الأساسية» خلال اجتماعه مع رئيس الوزراء الروسي ميخائيل ميشوستين. موضحاً أن البلدين سيواصلان تقديم الدعم الثابت لبعضهما بعضاً بشأن القضايا المرتبطة بمصالح كل منهما الأساسية وتعزيز التعاون في المحافل متعددة الأطراف.

وعززت الصين وروسيا في السنوات الأخيرة التعاون الاقتصادي والدبلوماسي، وازداد التقارب بينهما منذ الأزمة الروسية الأوكرانية، رغم إصرار بكين على أنها تلتزم الحياد تجاه النزاع.

وأفاد «شي» في نص لتصريحاته نشرته وكالة أنباء الصين الجديدة أن: «البلدين سيواصلان تقديم الدعم الثابت لبعضهما بعضاً، بشأن القضايا المرتبطة بمصالح كل منهما الأساسية وتعزيز التعاون في المحافل متعددة الأطراف».

وأشاد رئيس مجلس الدولة الصيني (رئيس الوزراء) لي تشيانغ ب«شراكة التعاون الاستراتيجي الشامل بين الصين وروسيا في الحقبة الجديدة».

وتابع مخاطباً «ميشوستين»: «أعتقد أن زيارتكم إلى الصين في هذا التوقيت ستترك بصمة كبيرة».

وتعد الصين أكبر شريك تجاري لروسيا، إذ بلغت التجارة بين البلدين مستويات قياسية قُدّرت ب190 مليار دولار العام الماضي، وفق بيانات صادرة عن الجمارك الصينية.

ولفت «لي» الأربعاء إلى أن حجم التجارة الثنائية بلغ 70 مليار دولار حتى الآن هذه السنة.

وقال: «إنها زيادة من عام لآخر تتجاوز الأربعين في المئة».

وتابع أن «حجم الاستثمارات بين البلدين يزداد بشكل مستمر أيضاً.. تتطور المشاريع الاستراتيجية واسعة النطاق بشكل ثابت».

وبعد المحادثات، وقّع وزراء من البلدين على سلسلة اتفاقيات تتعلّق بالتعاون في تجارة الخدمات والرياضة، إضافة إلى براءات الاختراع وصادرات حبوب روسية إلى الصين.

ملف الطاقة

قدم رئيس الوزراء الروسي ميخائيل ميشوستين إلى بكين، برفقة كبار المسؤولين بينهم نائب رئيس الوزراء ألكسندر نوفاك الذي يتولى ملف السياسات المرتبطة بالطاقة.

وأصبحت الصين العام الماضي أهم جهة تشتري الطاقة التي تنتجها روسيا، علماً بأن صادرات الأخيرة من الغاز تراجعت بعد سلسلة عقوبات غربية فُرضت عليها بسبب الحرب في أوكرانيا.

وبحسب وسائل إعلام روسية رسمية، أفاد «نوفاك» في منتدى الثلاثاء في شنغهاي أن إمدادات الطاقة الروسية إلى الصين ستزداد بنسبة 40 في المئة من عام لآخر في 2023.

وفي شباط/ فبراير، أصدرت بكين وثيقة من أجل «تسوية سياسية» لهذه الحرب، في حين ذكرت بلدان غربية أن هذه الوثيقة قد تمكن روسيا من إبقاء أجزاء كبيرة من الأراضي التي سيطرت عليها في حوزتها.

وخلال قمة في موسكو في آذار/ مارس، دعا الرئيس الصيني نظيره الروسي لزيارة بكين.

منشآت جديدة

من جهة أخرى، قالت شركة جيلين جينقوان إلكتريك المحدودة الصينية المدرجة في بورصة شنتشن، الأربعاء، إنها وقعت مذكرة تفاهم لبناء طريق لتشييد منشآت جديدة للطاقة بين إيران وروسيا.

ووفقاً لإفصاح لبورصة شنتشن، تعتزم الشركة بناء 70 محطة للتخزين والشحن الضوئي بقيمة 1.4 مليار يوان و3400 منشأة للشحن بقيمة 68 مليار يوان (9.8 مليار دولار).

وقالت الشركة بعد توقيع مذكرة التفاهم مع غرفة التجارة والصناعة الروسية في الشرق الأوسط إنه من المقرر أن يصل إجمالي طول الطريق 3500 كيلومتر.

روسيا وكوبا.. الأوقات الصعبة

وفي سياق النشاط الدبلوماسي الروسي، تتقرّب روسيا من كوبا بحثاً عن شركاء تجاريين وحلفاء سياسيين جدد منذ الأزمة في أوكرانيا، في الوقت الذي باتت فيه هافانا بحاجة ماسّة إلى الاستثمارات، في مواجهة أزمة اقتصادية كبيرة.

منذ بداية العام 2023، توالت زيارات كبار المسؤولين الروس إلى الجزيرة. وبعد زيارة المستشار الأمني نيكولاي باتروشيف والمدير التنفيذي لشركة النفط الحكومية روسنفت في آذار/مارس، زار وزير الخارجية سيرغي لافروف كوبا في نيسان/إبريل.

كذلك، استقبلت هافانا المستشار الاقتصادي للرئيس فلاديمير بوتين مكسيم أوريشكين، وممثل رجال الأعمال الروس في الكرملين بوريس تيتوف، وكذلك نائب رئيس الحكومة ديميتري تشيرنيشينكو الذي عرض قبل أيام في هافانا «خارطة طريق» لتسريع التعاون مع كوبا، التي تتعرّض لأزمة اقتصادية، بينما كان ممثلو حوالي خمسين شركة روسية موجودين في الجزيرة لاستكشاف فرص الاستثمار، بحسب «فرانس برس».

وفي نهاية هذه الزيارة التي أُجريت بعد ستة أشهر فقط من الاجتماع في موسكو بين الرئيسين ميغل دياز كانيل وفلاديمير بوتين، تمّ التوقيع على عشرات الاتفاقات لإعادة إطلاق التبادلات في مجال البناء والرقمنة والمصارف والسكر والنقل والسياحة.

وقال تشيرنيشينكو إن الاتفاقات ستشمل «بعض التغييرات» في التشريع الكوبي من أجل تحقيق مزيد من المرونة، في الوقت الذي اضطرّت فيه حكومة كوبا أخيراً إلى فتح اقتصادها المركزي أمام الشركات الخاصة الصغيرة والمتوسطة الحجم.

وفي كانون الثاني/يناير، بعد الزيارة الأولى لرجل الأعمال بوريس تيتوف إلى الجزيرة، أعلنت وسائل الإعلام الروسية عن إنشاء مشترك ل«مركز التحوّل الاقتصادي» في كوبا، على أساس «تطوير الشركات الخاصة».

وفي العاصمة الكوبية أيضاً، أعلن المسؤولون الروس استئناف الرحلات الجوية المنتظمة في تموز/يوليو بين موسكو ومنتجع شاطئ فاراديرو بهدف تسهيل وصول السياح، حيث بات بإمكانهم استخدام نظام الدفع الروسي «مير» في الجزيرة منذ آذار/مارس.

حلفاء سياسيون

بعدما كانا حلفاء مقرّبين خلال الحرب الباردة، شهد البلدان انقطاع العلاقات بينهما بشكل مفاجئ في العام 1991 أثناء تفكّك الكتلة السوفييتية، التي كانت كوبا تجري معها 75 في المئة من تبادلاتها التجارية، والتي مثّلت الجزء الأكبر من مصادر ائتمانها.

منذ العام 2005، استؤنفت العلاقات بعدما تمّ تقليصها إلى الصفر، ولكنها لم تبلغ أبداً المستوى الذي وصلته في الوقت الحالي، والذي وصفه الرئيس دياز كانيل بأنه «فترة فريدة».

ويقول مارفن باين المتخصّص في العلاقات بين روسيا وأمريكا اللاتينية في جامعة أبيردين في إسكتلندا لوكالة «فرانس برس»، إنّ روسيا التي تخضع لعقوبات قاسية من قبل الدول الغربية منذ شباط/فبراير 2022، «بحاجة إلى شركاء تجاريين وحلفاء سياسيين، وأمريكا اللاتينية تقدّم الإمكانية للحصول على الاثنين». غير أنّه يضيف أن «من الصعب معرفة إلى أي مستوى» ستصل العلاقات مع الجزيرة.

وهذا الأسبوع، أكّد الرئيس الكوبي، الذي امتنعت حكومته عن التصويت في الأمم المتحدة لإدانة التدخل الروسي في أوكرانيا، لديميتري تشيرنيشينكو «دعم كوبا غير المشروط لروسيا في مواجهتها مع الغرب».

ولكن بالنسبة لفلاديمير روفينسكي الأستاذ في جامعة إيسيزي في كالي بكولومبيا، فإنّ المساعدة التي يمكن أن تقدّمها روسيا لكوبا لن تكون «مماثلة بأي حال من الأحوال» لتلك التي منحها الاتحاد السوفييتي على مدى ثلاثة عقود من التحالف السياسي والاقتصادي والعسكري.

ووفق الأرقام الرسمية الروسية، فقد بلغت التجارة بين البلدين 450 مليون دولار في العام 2022، أي ثلاثة أضعاف ما كانت عليه في العام 2021.

ويرى روفينسكي أنّه في سياق دعم واشنطن غير المشروط لكييف، فإنّ «الجانب الجذاب لدى كوبا بالنسبة إلى روسيا، هو قربها الجغرافي من الولايات المتحدة».

ويقول: «إنّه منطق المعاملة بالمثل الرمزي… لأنّ أيّ ذكر لإمكانية وجود عسكري روسي في الجزيرة مرة أخرى يسبّب الكثير من التوتر على الجانب الآخر من مضيق فلوريدا».

المصدر: صحيفة الخليج

amazon.ae

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى