تعهّد رؤساء الدول والحكومات المجتمعون في الأمم المتحدة، أمس الاثنين، إحياء وعودهم، لتحسين مصير البشرية بشكل جذري، ومساعدة أكثر السكان فقراً في العالم، في وقت تواجه الدول الأكثر ضعفاً أزمات ونزاعات وسلسلة توترات جيوسياسية متصاعدة مثل الحرب الروسية في أوكرانيا.
وتبنت الدول الأعضاء في الأمم المتحدة عام 2015 خطة التنمية المستدامة لعام 2030، وهي تهدف إلى تحقيق 17 هدفاً تنموياً؛ منها القضاء على الفقر المدقع، والجوع، وتعزيز العمل المناخي، والتعليم الجيد، وضمان ألا يعاني أي من سكان الأرض البالغ عددهم ثمانية مليارات نسمة الجوع.
خطة إنقاذ عالمية
وأكد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس في «قمة أهداف التنمية المستدامة» عشية بدء الاجتماعات السنوية للجمعية العامة المتحدة، أن القمة تسعى إلى إنجاز «خطة إنقاذ عالمية» بشأن الأهداف، مقراً في الوقت عينه بأن 15 في المئة منها فقط هي على الطريق الصحيح نحو التحقق، بينما يمضي بعضها في اتجاه عكسي للغاية المعقودة. وشدد على أن الأهداف تتعلق «بالآمال والأحلام والحقوق وتوقعات الناس وصحة بيئتنا الطبيعية، بتصحيح الأخطاء التاريخية والتئام الفوارق العالمية ووضع عالمنا على المسار نحو سلام دائم».
وأضاف «لقد حان الوقت لإثبات أنكم تستمعون إليهم»، مشدداً على مكافحة الجوع، وتسريع تطوير الطاقات المتجددة، وحصول الجميع على فرص عمل كريم.
وأشار إلى أنه «في عالمنا الوفير، يشكل الجوع وصمة عار مروعة على جبين الإنسانية».
طموحات خرجت عن مسارها
عانت الجهود لتخصيص المال والانتباه لأهداف التنمية المستدامة، إخفاقات عدة، بما فيها جائحة كوفيد-19 وحرب أوكرانيا وغيرهما من الأزمات العالمية، في ظل الكوارث المناخية المتزايدة والزيادات الحادة في كُلفة المعيشة.
واعتبرت الناشطة ورئيسة جمعية «أوكسفام» لمكافحة الفقر آبي ماكسمان أن قمة الأمم المتحدة «هي مجال حيوي من أجل إحداث تغيير»، مشيرة إلى أن «على القادة أن يخضعوا للمحاسبة، وأن يستجيبوا لنداءات أولئك الموجودين في الخطوط الأمامية، والاستفادة من هذا الوقت للانصات والقيام بالتزامات ذات جدوى، ومتابعة الأمر بعمل فعلي».
وأوضحت أن إحدى الخطوات الملموسة ستكون قيام الدول الغنية بدعم إصلاح المؤسسات الاقتصادية الدولية، لمواجهة الديون الهائلة التي تثقل كاهل بعض دول العالم النامي.
وفي إعلان تم إقراره بالإجماع خلال القمة، التزمت الدول الأعضاء في الأمم المتحدة العمل «دون تأخير» لتحقيق «خطة العمل هذه من أجل الإنسانية والكوكب والرخاء والسلام والشراكات».
وخطت قمة مجموعة العشرين التي عقدت في سبتمبر/ أيلول في نيودلهي، خطوات أولى على صعيد تصحيح التمثيل في صندوق النقد الدولي والبنك الدولي.
إلا أن نوام أنغر، وهو خبير في التنمية في مركز الدراسات الدولية والاستراتيجية في واشنطن، سأل «هل ستعيد قمة أهداف التنمية المستدامة هذه إيقاد إعادة بناء الثقة وشحذ التضامن العالمي كما تم وصفها؟».
الفقراء يعوّلون
وحضر قادة الدول النامية بقوة في قمة أمس الاثنين، وتأمل الولايات المتحدة، التي قدمت إلى أوكرانيا مساعدات عسكرية بقيمة 43 مليار دولار، في أن تعكس خلال هذه القمة اهتمامها بأهداف التنمية العالمية.
وقالت سفيرة واشنطن لدى الأمم المتحدة ليندا توماس-غرينفيلد إن «الأكثر ضعفاً في العالم يتطلعون إلينا، مثل الشابة التي التقيت بها في تشاد بعدما فرّت من ظروف لا يمكن تخيّلها من جرّاء النزاع في السودان»، مشيرة إلى أن هذه الشابة اضطرت إلى «ترك عائلتها وتعليمها». وأكدت أن هذه الشابة «تعتمد علينا، تعتمد على العالم في وقت الحاجة».
إلا أن مسؤولاً أوروبياً كبيراً حذّر من أن الهوة بين الدول النامية والمتقدمة آخذة في الاتساع، مشيراً إلى أن أحد أهداف القمة سيكون «التأكد من أن هذا الفارق لا يصبح أكبر مما هو عليه».
وأكد وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن عزمه على عقد اجتماع في الأمم المتحدة، يخصص للبحث في سبل استخدام الذكاء الاصطناعي، للدفع نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة. (أ.ف.ب)
Discussion about this post