الإمارات تصادر أصولاً مشبوهة بـ 925 مليون درهم خلال 4 أشهر
أكد حامد الزعابي، المدير العام للمكتب التنفيذي لمواجهة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، أن دولة الإمارات حققت عدداً من النجاحات في ملف مواجهة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، خلال العام الماضي، حيث أشادت مجموعة العمل المالي «فاتف» خلال اجتماعها الأخير، بالتقدم الذي احرزته الدولة.
وقال الزعابي، في تصريحات لوكالة أنباء الإمارات «وام»، إن المكتب يتعاون بشكل وثيق مع مجموعة العمل المالي «فاتف»، في تنفيذ خطة عمل الإمارات، وسنبقى ملتزمين بضمان تحقيق كل البنود المدرجة ضمن الخطة.
قال حامد الزعابي أن المكتب لديه خطة طويلة الأجل، من شأنها وضع نظام مستدام وقوي لمواجهة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وسنواصل تعزيز قدراتنا خلال السنوات المقبلة، حيث ينبع التزامنا بمكافحة الجرائم المالية من إيماننا بأن جهودنا تسهم في تعزيز النمو الاقتصادي وزيادة التجارة والاستثمار الدوليين، وحماية نزاهة النظام المالي العالمي.
وأكد أن المكتب سيواصل العمل على تعزيز إطار الإمارات الوطني للمخاطر والالتزام، حتى لا نترك مجالاً لارتكاب الجرائم المالية ضمن حدود أراضينا، حيث نعمل من دون كلل على حماية نزاهة النظام المالي العالمي واقتصادنا الوطني، خصوصاً أن الجرائم المالية تلحق أضراراً بأعمالنا والمجتمع بشكل عام، كما تطال الثقة القائمة بين الأفراد والمنظمات.
وأوضح حامد الزعابي أن المكتب سيوسع إطار برامجه للمشاركة العالمية، على أساس ثنائي مع الشركاء الوطنيين، وبالتعاون مع المنظمات متعددة الأطراف وعبرها، حيث إن عالم الجرائم المالية يتقدم بوتيرة سريعة، وهو عابر للحدود. وعليه، يشكل التعاون مع الشركاء الدوليين السبيل الوحيد للتغلب على الشبكات الإجرامية المعقدة العابرة للحدود.
وأشار إلى أن المكتب وضع ستة أهداف استراتيجية سارية حتى عام 2026. كما أنه يدعم قيام نظام فعال ومترابط لمواجهة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، عبر السياسات السليمة وإدارة المخاطر على نحو صحيح، حيث من شأن هذه الخطة تحقيق التميز، واعتماد أعلى المعايير في المكتب التنفيذي.
وذكر الزعابي، أن إنجازات الدولة في ملف مواجهة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، شملت تصدّرها المرتبة الخامسة عالمياً في عمليات المصادرة والتوقيف، وقد تمثل ذلك عبر نسبة مئوية من إجمالي قيمة الجرائم المالية المتوقعة للدولة، فضلاً عن تعاون جهات إنفاذ القانون الإماراتية عن كثب مع «اليوروبول» و«الإنتربول»، حيث أسهمت في عدد من التحقيقات والتوقيفات المهمة دولياً، بما في ذلك قضية «كيدان زكرياس حبت مريم»، وهو من أبرز المهربين المطلوبين على قائمة اليوروبول والإنتربول، لكونه رئيس أكبر شبكة لتهريب المخدِرات.
وأضاف أنه خلال يناير وفبراير الماضيين، تسلمت وحدة المعلومات المالية نحو 7000 تقرير عن معاملات وأنشطة مشبوهة من الجهات المعنية في مختلف المؤسسات المالية والأعمال والمهن غير المالية المحددة، وبمقارنة البيانات بين عامي 2021 و2022 تبين أن نسبة رفع تقارير المعاملات والأنشطة المشبوهة زادت بنسبة 81%.
وأوضح أن نسبة رفع الأعمال والمهن غير المالية المحددة لتقارير المعاملات والأنشطة المشبوهة (خصوصاً محال الصرافة ومقدمي خدمات النقد وتجار المعادن الثمينة والأحجار الكريمة ومقدمي خدمات الأصول الافتراضية) ارتفعت بنحو 91%.
وأكد تعاون المكتب مع مجموعة واسعة من القطاعات، بما فيها التي حددها التقييم الوطني للمخاطر على أنها مرتفعة المخاطر، حيث جمع النظام المُعتمد بين القطاعين، العام والخاص، عبر اللجنة الفرعية للشراكة بين القطاعين، العام والخاص، في الإمارات، بما يتوافق مع الجهود الدولية في هذا الصدد، بموجب إبرام اتفاقيات المساعدة القانونية المتبادلة، ورفع عدد كبير من تقارير المعاملات والأنشطة المشبوهة التي تشمل الكيانات الأجنبية.
وقال الزعابي: إن الجهات الرقابية في الإمارات فرضت 161 غرامة على 76 كياناً خلال الربع الأول من العام الجاري، مع تخطي قيمة الغرامات 115 مليون درهم، مقابل غرامات بقيمة 76 مليون درهم في 2022. وتخطت قيمة الأصول المصادرة بين نوفمبر/ تشرين الثاني 2022 وفبراير/ شباط 2023، نحو 925 مليون درهم.
ورداً على سؤال عن جهود المكتب، في تعزيز جهود الدولة في هذا الشأن، قال إن دولة الإمارات اعتمدت نهجاً حكومياً شاملاً، لأنها أحد أهم مراكز التجارة والاستثمار العالمية، حيث تعمل الحكومة الاتحادية من كثب مع السلطات والقطاع الخاص في الدولة، بما يضمن تطبيق الكيانات لتدابير مواجهة غسل الأموال وتمويل الإرهاب بفعالية.
وأضاف أنه بحسب إحصاءات وزارة الاقتصاد، شهد الاقتصاد الوطني نمواً بنسبة 7.6% خلال العام الماضي، ويتوقع البنك الدولي نمواً بنسبة 4.1% خلال العام الجاري، ومن ثم فهناك كثير من المزايا الاجتماعية والاقتصادية لحماية الاقتصاد الإماراتي، وتعزيز قدرات الشركات للاضطلاع بالأعمال بثقة وأمان.
وتابع: في حين أن استثمارنا في إطار عمل مواجهة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، طويل الأجل، نلاحظ اليوم تحقيق تحسينات في النظام كله. ولو نظرنا في مسألة الامتثال على سبيل المثال، لوجدنا أن القطاع الخاص قد اعتمد إجراءات أفضل في إطار الاستجابة للسياسات والمتطلبات الرقابية، ومستوى التوعية بالجرائم المالية، ارتفع على نحو كبير، ما يشير إلى أن النظام سريع الاستجابة ومتماسك وديناميكي.
وذكر الزعابي، أن التشريعات ذات الصلة بمواجهة غسل الأموال، شهدت خلال العام الماضي تعديلات رئيسية، بما في ذلك اعتماد مجلس الوزراء القرار 111 بتنظيم الأصول الافتراضية ومقدمي خدماتها، حيث يضع القرار الإطار التشريعي لقطاع الأصول الافتراضية في الدولة، بتحديد الأطراف المعنية وحماية حقوقها والتزاماتها، وتحديد الأساس التنظيمي للقطاع المذكور. كما يضمن ذلك التزام القطاع بالمرسوم بقانون اتحادي رقم (20) لسنة 2018 بمواجهة غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب، وتمويل التنظيمات غير المشروعة.
وأوضح أن المكتب التنفيذي، يتولى إدارة اللجنة الفرعية للشراكة بين القطاعين، العام والخاص، في الإمارات، حيث يشكل ذلك صلة وصل مهمة بين الكيانات المؤسسية والجهات الحكومية، وقد أنجزت اللجنة ورقتها الاستشارية الأولى بشأن مشاركة المعلومات الاستراتيجية، حيث سيرجع إلى النتائج التي توصلت إليها في إطار وضع التوصيات ذات الصلة بعمليات الإصلاح التشريعية، ما من شأنه تمكين الأعضاء من مشاركة المعلومات الحساسة وحماية حقوق الخصوصية، على السواء.
وأضاف أن إدارة السياسات والمخاطر لدى المكتب، انتهت من وضع عدد من وثائق السياسات ذات الصلة بالقطاعات الرئيسية، كقطاع الفنون والتراث والممتلكات الثمينة، على أن يُنظر في التوصيات عند إجراء إصلاحات إضافية في التشريعات المعنية. وقال إن الجهات الرقابية في الإمارات مستمرة في إنجاز عمليات تفتيش نشطة قائمة على المخاطر، بالاستناد إلى معايير متسقة ذات الصلة بالعقوبات المالية المستهدفة، موضحاً أن كل الجهات الرقابية عملت بنشاط خلال الربع الأول من العام الجاري، لا سيما مصرف الإمارات المركزي، حيث أجرى 464 عملية تفتيش مكتبية، و128 عملية تفتيش ميدانية، وفرض غرامات بلغت قيمتها نحو 70 مليون درهم. كما كانت وزارة الاقتصاد فاعلة في هذا الصدد، حيث أجرت 4344 عملية تفتيش مكتبية و3360 عملية تفتيش ميدانية، وفرضت غرامات بلغت قيمتها 16.5 مليون درهم.
وأوضح أنه مع عمليات التفتيش التي أجرتها الجهات الرقابية، تتعاون وزارة الاقتصاد مع مسجلي الشركات بشكل وثيق، في إطار برنامج تفتيش قائم على المخاطر يضمن الالتزام مع اللوائح الوطنية ذات الصلة بالمستفيد الحقيقي النهائي، إذ وضعت الإمارات، في هذا المجال، نظاماً دولياً لتحديد المعايير، حيث يحصر النظام المذكور عملية جمع المعلومات بشأن المستفيد الحقيقي والتحقق منها، وإجراءات مواجهة غسل الأموال وتمويل الإرهاب لمصلحة السلطات المعنية بالتسجيل.
وقال الزعابي: إن دولة الإمارات أبرمت حتى تاريخه 44 معاهدة ثنائية ذات الصلة بالمساعدة القانونية المتبادلة، ومن المتوقع إبرام المزيد من المعاهدات خلال عام 2023. وبين نوفمبر 2022 وفبراير 2023، أرسلت جهات إنفاذ القانون، عبر مختلف القنوات، 327 طلباً للحصول على المعلومات إلى الجهات النظيرة الأجنبية، بما في ذلك الإنتربول، وجهاز شرطة مجلس التعاون الخليجي، وشبكة ضباط الاتصال، كما أبرمت مذكرات تفاهم خاصة بالأمن مع 110 جهات نظيرة أجنبية.
وأشار إلى التعاون الوثيق مع الشركاء في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ومنطقة الخليج، عبر فرق العمل ومجموعات العمل، وتمارين بناء القدرات ومجموعة من الوسائل غير الرسمية ذات الصلة بتبادل المعارف. كما استضافت أبوظبي، في مارس/ آذار 2023، ورشة «المينافاتف» بشأن أنماط استغلال الكيانات الاعتبارية، برعاية سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية والتعاون الدولي، رئيس اللجنة العليا للإشراف على الاستراتيجية الوطنية لمواجهة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، حيث انطوت الورشة على مشاركة نحو 100 مندوب يمثلون 20 دولة، ومشاركة المنظمات الدولية المعنية بمكافحة الجرائم المالية.
وعن التدابير الرئيسية التي اتخذت لرفع الوعي بمكافحة الجرائم المالية في الدولة، قال إن السلطات في الدولة منذ يونيو/ حزيران 2022 عقدت 18 جلسة تواصل حضرها نحو 17 ألفاً من موظفي القطاعين، العام والخاص، وتمت مشاركة نتائج تقييم المخاطر القطاعية والمعلومات الأخرى ذات الصلة. مشيراً في الوقت نفسه، إلى المشاركة في الفعاليات ذات الصلة بمواجهة غسل الأموال وتمويل الإرهاب التي عقدت في الدولة، واستضافة القمة التنظيمية للمينافاتف بالشراكة مع مجموعة بورصات لندن، خلال العام الماضي. وذكر أن وحدة المعلومات المالية، أنجزت خلال العام الماضي، 3 مشاريع تحليل استراتيجية بشأن جرائم الاحتيال وتوجهاتها وأنماطها، وتجار المعادن الثمينة والأحجار الكريمة، وغسل الأموال المعني بالشؤون الجمركية. كما وضعت وثيقة تقنية بشأن الأنماط والمخططات في الشرق الأقصى، وأحيلت إلى السلطات والكيانات المبلغة في الإمارات. (وام)