ألا أيُّها السِّفْرُ الذي جلَّ أَمْرُهُ
قصيدة مهداة إلى المشاركين في موسوعة التفسير البلاغي:
سُرورٌ عظيمٌ بِتُّ ليلًا أُغالِبُهْ
وطَيْفٌ جميلٌ عاوَدَتْني كتائبُهْ
وعاودني شِعْرٌ قديماً تَرَكتُهُ
وفاضَ على قَلْبي تَسِحُّ سحائِبُه
أُهَنّي رِفاقَ الدَّرْبِ أُعْلي مقامَهُمْ
أُهَنّي بِتَفْسيرٍ حَميدٍ عواقِبُهْ
تَجَلّى بِأنوارٍ مُنيرٍ شُعاعُها
يَشُقُّ دُجى عَصْرٍ كثيرٍ غياهِبُهْ
يُفَتِّقُ عَنْ أكمامِ كُلّ بديعةٍ
هواهُ كتابٌ لا تَقَضّى عجائِبُهْ
يصوغُ دلالاتِ الكتابِ مُنَقِّبًا
بِعَقْلٍ بديعٍ نَيِّرِ الفِكْرِ ثاقِبُهْ
وَيُولي جمالَ اللَّفظِ فَرْطَ عنايةٍ
وفي نَسَقِ التَّعبيرِ مَنْ ذا يُقارِبُهْ
وفي صَوْغِ مَعْنى الآيِ يَسْعى مُقَرِّبًا
دلالاتِ إِعجازٍ فَمَنْ ذا يُصاقِبُهْ
لَهُ بفُروقِ اللّفظ حُبٌّ وفِتنةٌ
إلى سِحْرِها تَغدو وتَهفو مَراكِبُهْ
ألا أيُّها السِّفْرُ الذي جلَّ أَمْرُهُ
وطالَتْ لياليهِ وأَسْفَرَ غائِبُهْ
يَخُطُّ من الآياتِ كُلَّ دقيقةٍ
ويُبدي بَهاءً لا تغورُ غرائبُهْ
تُدَبّجُهُ أيْدٍ بليغٌ بيانُها
وفِكْرٌ وَسيعٌ لا تُحَدُّ سباسِبُهْ
يُمَيِّزُهُ صَوْغٌ جزيلٌ مُنَمَّقٌ
قريبٌ من القرآنِ حُلْوٌ يُناسِبُهْ
ألا أيُّها الصَّحْبُ الكريمُ خِصالُهُ
جزاؤُكُمُ الفِرْدَوْسُ تَعْلو مَراتِبُهْ
أيا ابْنَ جريرٍ أنْتَ في الفَنّ سابقٌ
وفي القَوْلِ جارُ الله تصْفو مشارِبُهْ
وفَخْرُ بلادِ الرّيِّ حَبْرٌ مُوَفَّقٌ
ذَكِيٌّ خبيرٌ لا تُجارى مذاهِبُهْ
وقُرْطُبَةُ التّفسير جادتْ بِحَبْرها
وفي الفقه والأحكامِ مَنْ ذا يُعاتِبُهْ
وبينَ كلامِ الذّكرِ لَوْنُ تناسُبٍ
بِقاعِيُّهُ بالعزْمِ والحَزْمِ كاتِبُهْ
ونِعْمَ أبو حيّانَ في النّحْوِ قائدًا
إماماً عليماً لا تُفَلُّ مضارِبُهْ
وأتقَنَ أصحابُ الحواشي شُروحَهُمْ
وغنّى بها شِعْرٌ توالَتْ ركائبُهْ
وآلَتْ إلى آلوسَ كُلُّ لطيفةٍ
ورُوحُ معانيهِ عزيزٌ مطالِبُهْ
وأَبْدَعَ في التّحرير فَذٌّ مُسَدَّدٌ
فلا مَنْ يُدانيهِ ولا مَنْ يُواثِبُهْ
وَأعْظِمْ بِشَعْراوي إماماً مُفسِّراً
خواطِرُهُ نُورٌ ونُورٌ كواكِبُهْ
وزُهْدُ ابنِ باديسٍ شَهِيٌّ مُحَبَّبٌ
وتَفسيرُهُ فَصْلٌ غَنِيٌّ مَكاسِبُهْ
ألا أيُّها الأمجادُ طِبْتُمْ وَفُزْتُمُ
فَأنتُمْ بَنو عهدٍ كثيرٍ مصائبُهْ
أعاصيرُهُ تَتْرى تموجُ بِشَرّها
وعمّتْ رزاياهُ وطمّتْ نوائِبُهْ
وَرِثتُمْ عنِ الأفذاذِ عِلْمَ تَدَبُّرٍ
فنالَتْكُمُ أفضالُهُ وأطايِبُهْ
ويا مَجمعَ القُرآنِ للهِ دَرُّكُمْ
حبيبُكُمُ الرّحمنُ أنْتُمْ أقارِبُهْ
أشارقةَ العِرْفانِ تيهي وغَرّدي
بتفسير قُرآنٍ كريمٍ مواهِبُهْ
ويا أَيُّها الشّيْخُ الجليلُ تحيّةً
ويا مَنْ على الأقران زادَتْ مناقِبُهْ
وأنتَ الذي تَهفو إليه نُفوسُنا
ويدعو لهُ أصحابُهُ وحبائبُهُ
وتَبْقى أيا سُلطانُ مَهْوى قلوبنا
وأَكْرِمْ بشيْخٍ لا تَهونُ عصائبُهْ
امحمد صافي المستغانمي
المصدر: صحيفة الخليج