أردوغان.. سجل حافل بالانتصارات الانتخابية والمعارك السياسية
فاز الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الأحد، بالانتخابات الرئاسية التركية، حسب النتائج الأولية. وأعلن أردوغان فوزه في الدورة الثانية من الانتخابات، وقال من على سطح حافلة متوقفة أمام مقر إقامته في إسطنبول، وسط حشد من أنصاره: «عهدت إلينا أمتنا مسؤولية حكم البلاد للسنوات الخمس المقبلة». وأضاف الذي يحكم تركيا منذ عشرين عاماً: «سنفي بكل الوعود التي قطعناها للشعب»، مؤكداً أن «كل عملية انتخابية هي نهضة».
وتابع: «أظهرت هذه الانتخابات أن لا أحد يستطيع أن يهاجم مكتسبات هذه الأمة». وذكرت وكالة أنباء الأناضول الرسمية أن أردوغان حصد 52,1 في المئة من الأصوات، مقابل 47,9 في المئة لخصمه كمال كيليتشدار أوغلو، بعد فرز نحو 99 في المئة من بطاقات الاقتراع.
وحقق أردوغان فوزه، في آخر منافسة انتخابية يخوضها، بحسب تصريحاته سابقة له، بعد أن حقق الفوز من قبل في 12 استحقاقاً انتخابياً، و3 استفتاءات شعبية. وأردوغان الذي حافظ على تصدره نتائج الانتخابات منذ تسعينات القرن الماضي، قاد الكثير من المشروعات اللافتة خلال مسيرته السياسية، سواء داخل البلاد، أو خارجها.
الولادة والنشأة والانطلاقة السياسية
في 26 فبراير/ شباط 1954، ولد أردوغان في مدينة إسطنبول، لأسرة تنحدر أصولها من ولاية ريزة على البحر الأسود، شمالي البلاد، ولدى بلوغه سن المدرسة التحق بمدارس «الأئمة والخطباء»، التي تخرج فيها عام 1973.
ومنذ طفولته، أحب أردوغان كرة القدم، ما دفعه إلى ممارستها في أحد نوادي إسطنبول، لكن بسبب رفض والده لم يكمل المسيرة الاحترافية في عالم الرياضة، ليسمح ذلك له بالوصول إلى عالم أوسع.
وخلال دراسته في جامعة «مرمرة» في إسطنبول، لعب أردوغان دوراً نشطاً في الفروع الطلابية لاتحاد الطلاب الوطني، وفي 1976 انتخب رئيساً لفرع شباب بيوغلو التابع لحزب السلامة الوطني (MSP)، ثم رئيساً لفرع الحزب بإسطنبول.
تزوج أردوغان عام 1978، من عقيلته أمينة، التي تنحدر من ولاية سيرت، جنوب شرقي البلاد، والتي تظهر باستمرار بجواره وداعمة له في المناسبات المختلفة، وأنجبا أربعة أبناء، بنتين وصبيين.
وعقب الانقلاب العسكري في 12 سبتمبر/ أيلول 1980، بدأ أردوغان عمله كإداري رفيع في القطاع الخاص، بعد إغلاق الأحزاب السياسية، قبل أن يتخرج في الجامعة عام 1981، بحصوله على بكالوريوس الاقتصاد والتجارة.
العودة للسياسة
بحلول 1983، عاد أردوغان للحياة السياسية، مع تأسيس حزب الرفاه، ليتولى منصب رئيس فرع منطقة بيوغلو بإسطنبول في 1984، ثم توليه رئاسة فرع الحزب في المدينة نفسها، ثم عضوية لجنته المركزية عام 1985. وفي 1994، بدأت تتضح معالم المسيرة السياسية لأردوغان، إذ رشحه حزب «الرفاه»، رئيساً لبلدية إسطنبول، ليحقق فوزاً بنسبة 25.19 في المئة من الأصوات في الانتخابات المحلية، التي جرت في 27 مارس/ آذار من العام نفسه.
وبسبب إلقائه قصيدة للشاعر ضياء غوك ألب (1876-1924) أثناء لقاء جماهيري بولاية سيرت في 12 ديسمبر/ كانون الأول 1997، أقيل أردوغان من رئاسة بلدية إسطنبول، ثم أودع سجن بينار حصار في 26 مارس/ آذار 1999.
وبإطلاق سراحه من السجن في 24 يوليو/ تموز 1999، واصل أردوغان عمله السياسي، وأسس حزب «العدالة والتنمية»، الذي انتهج عبره نمط «الديمقراطية المحافظة»، ليتولى رئاسته بعد اختياره من قِبل مندوبي وأعضاء الحزب.
البرلمان والمحليات
وفي عام 2002، وصل حزب «العدالة والتنمية» إلى السلطة بمفرده في الانتخابات العامة، بحصوله على 34.6 في المئة من الأصوات، وحصده ما يقرب من ثلثي الأغلبية البرلمانية. وبسبب الحظر السياسي الذي كان مفروضاً على أردوغان، جرى تشكيل الحكومة الثامنة والخمسين في تركيا، وترأسها نائب رئيس حزب «العدالة والتنمية» عبد الله غل.
وبعد إلغاء الحظر السياسي المفروض عليه عبر تعديلات قانونية، تمكن أردوغان من دخول البرلمان عبر انتخابات التجديد في ولاية سيرت، التي جرت في 9 مارس/ آذار 2003.
وبمجرد حصوله على صفة نائب في البرلمان التركي، استلم أردوغان رئاسة الوزراء من عبد الله غل، في 15 مارس/ آذار 2003، وشكّل الحكومة التاسعة والخمسين في البلاد.
وأردوغان الذي تمكن من زيادة أنصاره في جميع الانتخابات الثلاثة التي خاضها على رأس حزبه، فاز في انتخابات 22 يوليو/ تموز 2007، بنسبة 46.6 في المئة، وشكل الحكومة الستين للجمهورية التركية. كما حصل في انتخابات 12 يونيو/ حزيران 2011، على 49.8 في المئة من أصوات الناخبين، وتولى مهمة تشكيل الحكومة 61 في البلاد، وشغل بعدها منصب رئيس الوزراء ثلاث مرات.
وفاز حزب العدالة والتنمية بقيادة أردوغان في الانتخابات المحلية، بنسبة 40.2 في المئة في 28 مارس/ آذار 2004، و38.6 في المئة في 29 مارس 2009، و45.5 في المئة في 30 مارس 2014، و44.06 في المئة في 31 مارس 2019.
كما صوّت الشارع التركي بنسبة 69 في المئة ب«نعم» في الاستفتاء على التعديلات الدستورية في 21 أكتوبر/ تشرين الأول 2007، وبنسبة 58 في المئة في الاستفتاء على التعديلات الدستورية في 12 سبتمبر/ أيلول 2010.
أول رئيس منتخب
وفي أول استحقاق انتخابي لاختيار رئيس البلاد مباشرة من الشعب، فاز أردوغان، بحصوله على 52 في المئة من الأصوات من الجولة الأولى، التي جرت في 10 أغسطس/ آب 2014، ليصبح بذلك الرئيس الثاني عشر للجمهورية.
وبموجب الدستور التركي آنذاك، استقال أردوغان في 27 أغسطس/ آب 2014 من حزب «العدالة والتنمية»، ليواصل مهامه كرئيس للبلاد، وقال في المؤتمر الاستثنائي الذي عقده الحزب آنذاك: «أستودعكم الله، على أمل اللقاء بكم مجدداً».
وفي اليوم التالي، تسلم أردوغان ولايته الرئاسية، وأدى اليمين الدستورية أمام الجمعية العامة للبرلمان التركي، ثم توجه بعد ذلك إلى قصر جانقايا، مقر الرئاسة التركية آنذاك، لتبدأ مرحلة جديدة في البلاد.
هذه المرحلة، عبر عنها أردوغان بقوله قبل الانتخابات: «سأكون رئيساً مختلفاً، لن أجلس بقصر جانقايا كما درجت العادة، ولن أكون رئيساً يتمتع بكافة كل أنواع السلطات لكن لا يتحمل المسؤولية»، ليبدأ التحضير للانتقال إلى النظام الرئاسي.
وبعد أن حظي أردوغان بدعم رئيس حزب «الحركة القومية» دولت باهتشلي، وافق الشعب التركي بنسبة 51.4 في المئة في الاستفتاء الذي أجري في 16 إبريل/ نيسان 2017، على الانتقال إلى النظام الرئاسي.
العودة للحزب
ومع التعديل الدستوري عقب استفتاء 16 إبريل/ نيسان 2017، أصبح بإمكان أردوغان العودة إلى حزب «العدالة والتنمية»، ليعلن عودته بالفعل في 2 مايو/ أيار 2017، وذلك بعد 979 يوماً من الاستقالة.
وفي المؤتمر الاستثنائي الثالث للحزب الذي عقد في 21 مايو/ أيار 2017، ترشح أردوغان لرئاسة «العدالة والتنمية» بتوقيع 1370 مندوباً، وتسلم رئاسة الحزب من رئيس الوزراء حينها بن علي يلدريم.
وفي 24 يونيو/ حزيران 2018، توجه الأتراك إلى صناديق الاقتراع لاختيار رئيس البلاد وأعضاء البرلمان، ليحصل أردوغان على 52.38 في المئة من الأصوات، كأول رئيس للبلاد في ظل النظام الرئاسي الجديد. ومع دخول النظام الرئاسي حيز التنفيذ، خفض أردوغان عدد الوزارات من 26 إلى 16، مع دمج بعض الوزارات، وإنشأ 9 مجالس سياسات، و4 مكاتب تابعة لرئاسة الجمهورية.
مواجهة الانقلاب
باءت محاولة انقلاب لإسقاط أردوغان في 15 يوليو/ تموز 2016، بالفشل. وأثناء المحاولة الانقلابية، استهدف فريق الاغتيال التابع لما يسمى «تنظيم غولن»، الذي اتهمه أردوغان بتدبير محاولة الانقلاب، أردوغان، الذي كان يقيم مع أسرته في فندق بمنطقة مرمريس بولاية موغلا (جنوب)، لكنهم تمكنوا من مغادرة الفندق بأمان وعادوا إلى إسطنبول. وبنجاة أردوغان وأسرته، فشلت محاولة عدد من أتباع غولن داخل القوات المسلحة التركية للانقلاب على السلطة.