أخصائيون: أطفال التوحّد يحتاجون إلى الاحتواء والدعم الاجتماعي
كشف أخصائيون نفسيون وأصحاب تجارب مع أطفال اضطرابات طيف التوحد، أن الحب والتفهم والاحتواء والدعم الاجتماعي هو كل ما يحتاج له مريض التوحد، مشيرين إلى أن ذلك أيضاً ما تحتاج إليه أسرهم، في ظل التباس وقلة الوعي الاجتماعي حول هذه الاضطرابات.
جاء ذلك في جلسة حوارية، ضمن جلسات الدورة الـ 14 من مهرجان الشارقة القرائي للطفل، حملت عنوان «فهم التوحد عند الطفل»، وشارك فيها كل من د.عمار البنا استشاري الطب النفسي للأطفال وأخصائي التوحد في مستشفى الجليلة، ود.أمل الحامد، وهي اختصاصية نفسية في الأمراض الذهنية والعصابية، وفرانسيسكا مانديز سفيرة سابقة للمكسيك في الإمارات، ومؤلفة كتاب عن التوحد تسرد فيه تجربتها مع ابنها الذي يعاني التوحد، وأدار الجلسة الإعلامي حسان ضناوي.
وأكد د.عمار البنا، أن اضطراب طيف التوحد اضطراب نمائي عصبي يؤثر في نمو الدماغ، وهو يختلف من طفل لآخر، لكن ما يجمعهم هو صعوبات التواصل العاطفي والاجتماعي، وتكرارهم للتصرفات النمطية والاهتمامات المحددة وصعوبة التواصل البصري، وهناك اختلافات عديدة وبنسب متباينة، وقد سُمي طيفاً نتيجة لأطيافه المتعددة، مشيراً إلى أن كل ما يحتاج إليه هؤلاء الأطفال هو التقبل والتعاطف والاحترام والمساندة المجتمعية لهم ولعائلاتهم، ووضع نظم وسياسات عامة في المؤسسات والمدارس لرفع اللبس حول فهمه، والتدريب والتدخل المبكر بخصوصه، لافتاً إلى وجود العديد من المبادرات على مستوى الإمارات بخصوص هذا الأمر.
وأضاف البنا أن «التقييم السلوكي والنفسي هو المحدد الأول لمعرفة مستوى التوحد عند الطفل واختيار التعليم المناسب له، مؤكدًا أن تشارك المعارف بين الأهالي يختصر الأمر على الأمهات ويختصر الكثير من المراحل، كما يقدم نوعًا من الطمأنينة للعائلات، التي تحتضن أطفال التوحد، إضافة إلى أخذ المعلومات والإرشاد من المصادر والمبادرات العلمية والطبية الموثوقة»، لافتاً إلى أن هذا المجال أصبح يقدم فيه الأدعياء الكثير من النصائح والفرضيات غير المدعومة علمياً.
وأوضحت الاختصاصية النفسية أمل الحامد أن الأطفال المصابين بالتوحد يتميز بعضهم بالذكاء الشديد، مطالبة الأمهات التي لديهم حالات توحد أن يكونوا معلمات ظل، ويتعلمن ويصبرن ويتدربن، لتعليم أطفالهن في السنوات المبكرة، وتقبل هذا الاختلاف كهدية من الله، والمواظبة على تعليم هؤلاء الأطفال المهارات الحياتية التي تمكنهم من التواصل الجيد، لأن أغلب هؤلاء الأطفال يعانون صعوبات في التواصل الاجتماعي، وأحياناً تأخراً في النطق وفي تعلم المهارات اللغوية.
وأشارت الحامد إلى أنها كاختصاصية، لا تقدم سوى الدعم السلوكي والنفسي، حيث يحتاج أطفال التوحد إلى الكثير من الصبر والمرونة، ومن أنجع الوسائل: القراءة العلاجية والكتابة العلاجية، وكذلك البرامج المجتمعية المشتركة حول التوحد والتي ترفع الوعي حول التوحد.
وقالت فرانسيسكا مانديز: إن «أطفال التوحد هم أشخاص يعانون مشكلة إدراك البيئة الخارجية، لأنهم يسمعون بطريقة مختلفة، ما ينتج عنه مشاكل سلوكية»، موضحة أنها حين اكتشفت أن ابنها مصاب بالتوحد شغل هذا الأمر تفكيرها كثيراً، وعاشت تجربة طويلة مع هذا الأمر أثمرت كتاباً قدمت فيه تجربتها مع ابنها فيرناندو، ووصفت فيه التحديات التي تواجه أطفال التوحد وكذلك عائلاتهم، والدور المجتمعي المطلوب ليكون صوتهم مسموعاً ولديهم مساحة مجتمعية، من خلال تضافر الجهود ونشر المعلومات وتعزيز الوعي والفهم وخلق التعاطف ودمج أطفال التوحد.
وتابعت: «إن من الإشارات المبكرة التي لاحظتها على ابنها عدم قدرته على التواصل البصري، وهي تعكف حالياً على كتابة مؤلف آخر عن نفس التجربة، ولكن من منظور آخر، وهي أن ابنها يستطيع وقادر على التواصل، بعد تأقلمه وتأقلمها مع هذه الحالة وفهمها، وزيادة مهاراته السلوكية والحياتية»، مشيرة إلى أن هذا الكتاب موجّه للمجتمع لإيمانها بأنه يستطيع أن يصنع بيئة مختلفة ومغايرة حاضنة لهؤلاء الأطفال لمواجهة المشاكل والتحديات التي يمرون بها.